الصحفي اللبناني فداء عيتاني لـ (كلنا شركاء): الجيش الحر هو الخطر الحقيقي الذي يهدد بدفن النظام .. سوريا
إياس العمر: كلنا شركاء
وقف عدد من الصحفيين اللبنانيين مع الثورة السورية منذ انطلاقتها، ودفعوا ثمناً باهظاً نتيجة موقفهم مع ثورة الشعب السوري، ورغم ذلك لم يغيروا مواقفهم واستمروا بدعم الشعب السوري، وأبرز الصحفيين الذين وقفوا مع الثورة السورية هم الصحفية كارول معلوف والصحفي فداء عيتاني وغيرهم الكثير، الذين لم يأبهوا بتهديدات (حزب الله) والأخطار الأمنية التي تواجههم نتيجة مواقفهم المؤيدة لثورة الشعب السوري.
ويعتبر الصحفي اللبناني فداء عيتاني من الصحفيين القلائل الذين عايشوا الثورة السورية منذ انطلاقتها وقد أمضى عامين في الشمال السوري تعرض خلالهم لعملية اختطاف في مدينة اعزاز قبل ان يتم إطلاق سراحه، كان له كتاب عن تجربته في سوريا بعنوان “ملاك الثورة وشياطينها” يتحدث فيه عن الثورة السورية والقوة المتصارعة على الأرض.
“كلنا شركاء” كان لها اتصال مع عيتاني الذي يعتبر من أبرز الصحفيين المتابعين للملف السوري على مستوى الوطن العربي، وأجرت معه هذا الحوار:
في البداية هل تعتقد أن النظام السوري وحلفاءه قادرون على حسم المسألة عسكرياً؟
الحديث اليوم لا يجب أن يتم حول قدرات النظام السوري العسكرية، لقد كنت في سوريا في العام ٢٠١٢ حين شهدت انهياراً كاملاً للمؤسسات التي تشكل الدولة والنظام، ولاحقاً تآكل الجيش وأجهزة المخابرات التي تشكل العمود الفقري للنظام.
إذا كان السؤال حول القدرة العسكرية لحلفاء الأسد على حسم الصراع عسكرياً، فالجواب نعم يمكن، ولكن لن يكون هناك نظام مستقر أو ثابت في سوريا، سيكون هناك حكم احتلال معرض لأعمال المقاومة كل يوم، الحل العسكري ممكن فقط في اتجاه واحد، هو إسقاط النظام الحالي واستبداله بنظام يلقى قبول أغلبية الشعب السوري، أما الحل العسكري بالاتجاه الآخر فلن يكون أكثر من حسم عسكري مؤقت لقوات احتلال أجنبية سرعان ما ستستنزف في المعارك اليومية والأعمال القتالية الصغيرة من قبل السوريين.
لماذا هذه الموقف الدولي حيال نظام بشار الأسد؟
لم يشهد التاريخ في يوم من الأيام على دول ساندت ثورة من أجل أحقية قضيتها، لقد رآكم السوريون (وآسف لقول ذلك من باب النقد البناء) وهماً خلال الأعوام الماضية على أن إنسانية وعدالة قضيتهم ستجعل المجتمع الدولي يدعم ثورتهم، وأن الكلام السياسي الذي يسمعونه من بعض وزراء الخارجية أو الرؤساء أو الملوك سيتحول إلى أفعال تسمح لهم بالانتصار ضد الديكتاتور.
والواقع أن الدول تفضل عادة الدكتاتور على الثورة، وتفضل الانقلاب على الثورة، أما الثورة التي تطيح بالقديم وتعيد فرز موازين وأفكار ورؤى وقوانين ودساتير جديدة، فلا أحد في العالم يتضامن معها إلا انطلاقا من انتصارها وقوتها الذاتية.
نعم المجتمع الدولي وكذلك أصدقاء سوريا والدول الحليفة القريبة والبعيدة، لا ترى مصلحة في انتصار الثورة السورية التي خرجت تطالب بالحرية وبالإصلاحات السياسية والاقتصادية، وتفضل هذه الدول حرب استنزاف طويلة ومتشعبة ضد بشار الأسد وإيران وروسيا وحزب الله، على أن تساهم في انتصار ثورة شعب لا تعرف إلى أين تقود وماذا ستفرز لاحقا.
وتدمير سوريا على رؤوس أبنائها أسهل من ترك الثورة تنتصر وتبني نظاماً أكثر عدالة ومجتمعا أكثر تماسكاً وحداثة فكرية واجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية، ربما تعتبرها الكثير من الدول في المنطقة وفي العالم لا تتوافق مع مصالحها ورؤيتها للشرق الأوسط.
الضربات الروسية في الجنوب استهدفت الجبهة الجنوبية والتي تمثل الجيش الحر، فما السبب برأيكم؟
تركزت الضربات الروسية اولا في الشمال، ثم انتقلت إلى جنوب سوريا، في الحالتين تم ويتم استهداف المجموعات التي تحمل علم الثورة بشكل رئيسي، ومنها أو حتى ربما أهمها الجبهة الجنوبية، ببساطة علم الثورة وكل المجموعات التي تحمله تمثل الثورة السورية التي تسعى إلى إيجاد بديل سياسي ناضج ومتكامل للنظام الحالي، والتي تعتقد بأن سوريا هي بلد موحد، يعيش فيه السوريون بمختلف تلاوينهم وانتماءاتهم.
أي أن الخطر الحقيقي الذي يهدد بدفن النظام الحالي هو الجيش الحر، وبالتالي فإن الأولوية بالنسبة للغزاة الروس، كما كانت بالنسبة للغزاة الإيرانيين والميليشيات التابعة لهما، هي القضاء على البديل الحقيقي لما هو قائم، وترك الأرض نهباً للميليشيات المتطرفة، وتحويل القضية السورية من قضية تغيير للنظام السياسي القمعي إلى قضية عنف متفلت من كل عقال وإرهاب وتطرف إسلامي، ووضع هذه الصورة أمام المجتمع الدولي بصفتها قضية عالمية، وعلى كل العالم مكافحة الإرهاب الإسلامي المتطرف بالتعاون مع النظام الحالي والغزاة.
هناك تفاهم روسي إسرائيلي في سوريا وبالمقابل هناك تنسيق على الأرض بين حزب الله وروسيا، وفي نفس الوقت إسرائيل مستمرة باستهداف مواقع لحزب في سوريا، فما حقيقة التفاهم؟
من خلال المعلومات فإن هناك أكثر من تفاهم روسي إسرائيلي، هناك تنسيق جوي لحظي وموافقة روسية كاملة على منع توريد السلاح إلى حزب الله في لبنان، ومنع الحرس الثوري وحزب الله من التمدد باتجاه مناطق الجولان المحتلة، وترك يد الطيران الإسرائيلي حرة لتأمين هذا التفاهم.
وإن الشعارات التي يطلقها حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني حول الملف الإسرائيلي قد انقضت مدتها مع نهاية ملف النووي الإيراني من جهة، ومع غرق إيران في وحول المستنقع السوري في مسعاها للتمدد في المنطقة ومنافسة إسرائيل على دور الدولة الضابطة لإيقاع الصراعات وشرطي الشرق الأوسط.
وإذا شئت تبسيط الصورة إن موسكو وبالتعاون مع تل أبيب تعمل على تحويل إيران وميليشياتها إلى خادم جيد لأهداف موسكو، دون المساس بدائرة مصالح إسرائيل، أو تجاوز طموحاتها الحد المقبول، ويمكن لحسن نصر الله أن يردد لألف عام أن طريق القدس تمر من الزبداني ومن مضايا ومن حلب ومن إدلب، ويرسل مئات الشبان للموت هنا وهناك كمرتزقة محتلين، ولكن لن يتمكن من لفظ كلمة الجولان وإلا ستضرب الطائرات الإسرائيلية في اليوم نفسه قواته المنتشرة في سوريا، وستجد في القوات الروسية خير معين على تنفيذ هذه الضربات.
هل تعتقد يأن إعلان السعودية استعدادها لإرسال قوات برية لمحاربة “داعش” سيشمل نظام الأسد وحلفاؤه، وهل سيكون مرتبطاً بالحرب في اليمن؟
قبل التعليق على موضوع إرسال قوات سعودية إلى سوريا، ربما الأفضل انتظار بعض الوقت، لما بعد الخامس والعشرين من شهر شباط الحالي، سيكون حينها للكلام معنى آخر، ولكن لا يمكن تخيل مواجهة “داعش” في سوريا من دون القضاء على السبب الرئيسي لتفشيها، ولا رؤية الدور السعودي في المنطقة من دون رؤية حربها الواسعة ضد التمدد الإيراني.
اقرأ:
د. إبراهيم الجباوي: من أرض الثورة والثوار .. من أرض الحرية والأحرار
from كلنا شركاء في الوطن http://ift.tt/1ovFHuO
via IFTTT