متى تستقيل من وظيفتك كمصمم؟

متى تستقيل من وظيفتك كمصمم؟

متى تستقيل من وظيفتك كمصمم؟

13 يونيو, 2015


quit
الصراع بين عملك كمصمم يعمل بشكل مستقل وبين عملك كمصمم بوظيفة لاينتهي..
خلال السنوات الأخيرة٫ شهد مجال التصميم انتعاشاً كبيراً على الصعيد العملي من ناحية أعداد المصممين وكميات التصاميم المعروضة والراغبين في دخول المجال.في هذه التدوينة سأستعرض أهم الأسباب التي تدعو المصممين لترك العمل في التصميم كوظيفة وتوجههم للعمل بشكل حر ومستقل. 
بشكل عام آمام المصمم ثلاث خيارات مهنية اذا اراد العمل بمجال التصميم:
١- العمل كمصمم بوظيفة (دوام كامل او جزئي) بحيث يكون عمله لخدمة عملاء داخل المنظمة نفسها او مايعرف بin-house designer
٢- العمل كمصمم في شركة دعاية او اعلان او استوديو تصميم بحيث يعمل المصمم لعملاء هذه الشركة
٣- العمل كمصمم حر freelancer بحيث يقدم المصمم الخدمة لعملائه بشكل مباشر سواءاً كانوا شركات او عملاء بشكل مباشر.
اختيار أحد هذه الخيارات يحكمه عوامل كثيرة ومتنوعة بعضها قد يكون شخصي وبعضها اجتماعي ومن الصعب أن يكون أحدها هو الأنسب للجميع. وكثيراً ماتردني استفسارات عن الخيار الأنسب للمصمم خاصة في بداية حياته العملية.أعتقد أن لكل جانب ايجابيات وسلبيات واختيار اي من هذه الخيارات يتطلب التفكير بالمدى البعيد والهدف الذي ترغب بالوصول له كمصمم.
 للتفكير بشكل عميق ومفصل ضع أمامك التساؤلات التالية وفكر فيها بعمق:
  •  هل أستمتع بالعمل بشكل منفرد آم أن ابداعي ينطلق مع الفريق؟
  • هل انا على استعداد للالتزام بساعات عمل محددة ام افضل المرونة والحرية؟
  • هل افضل التركيز على التصميم ام ان لدي استعداد للخوض في مجالات اخرى كالتسعير والتفاوض والتسويق…؟
  • هل افضل دخلي بشكل راتب شهري ثابت آم لامانع لدي من تقلبات العمل الحر؟
جميع هذه التساؤلات وغيرها تدعو المصمم للتفكير بما يريده ويحقق أهدافه المهنية.

شخصياً عملت في بداية حياتي المهنية كمصممة في عدة شركات للدعاية والإعلان ثم انتقلت للعمل لمدة سبع سنوات كمصممة جرافيك في مؤسسة شبه حكومية. وخلال هذه الفترة كنت أعمل ايضاً كمصممة بعمل حر. هذا التنقل أتاح لي فرصة التعرف على مميزات وسلبيات كل اختيار بشكل تفصيلي وعميق٫ سأتكلم بايجاز عن كل مرحله من هذه المراحل:
عملي كمصممة داخل منظمة – بعكس ماقد يتوقعه البعض – أضاف الكثير من المهارات التي كان من الصعب جداً إدراكها لو عملت فقط بشكل حر. من هذه المهارات:
١- الالتزام: كون المؤسسة تخضع لنظام حضور وانصراف صارم٫ كان على فريق التصميم تعلم انجاز العمل ضمن مواعيد تسليم ضيقة وتجنب التأجيل آو تأخير الأعمال.
٢- الإقناع: بكل ثقة استطيع القول أن العمل مع العملاء الصعبين هو افضل تدريب لخدمة العملاء. حين تعمل في شركة خاصه فان العميل عادة مايكون لديه مستوى جيد من الاداراك والوعي بخصوص التصميم ومفاهيم الفنون البصرية مما يخفف العبء على المصمم لإقناعه بالفكرة وفاعليتها. في المقابل٫ عملك كمصمم لعملاء داخليين يضعك امام تحدي لإقناع العميل ذي الفهم البسيط بجدوى الفكرة وأهمية التصميم في توصيلها وخدمة الفئة المستهدفة.
٣- مراحل التصميم: اعتقد ان الوعي بمراحل التصميم هو أهم مايمكن ان يتقنه المصمم لرفع جودة تصاميمه. من خلال بعض التجارب الفوضوية في أدارة مهام التصميم٫ أدركت اهمية بناء منظومة التصميم المتكاملة من خلال بناء مراحل تصميم واضحة ومفهومة للعملاء الداخليين٫ بدءاً من الملخص الابداعي٫ ثم البحث والعصف الذهني ثم الخروج بالفكرة ويليها التصميم والإخراج والتطبيق.
٤- العمل بروح الفريق: وذلك لكون فريق التصميم يعمل ضمن منظومة متكاملة وكثيراً مايظهر العمل باسم الإدارة وليس المصمم.
هذه الممارسات تفك الارتباط التقليدي بين المصمم وعمله وتعوده على النظر للعمل كجهد فريق وليس كجهد شخصي منفرد. وبالتالي قدرتك على تقبل الانتقاد او تغيير الفكرة من اساسها ستكون افضل.
٥- الجانب التنظيمي: بمعنى ادراك الجانب الاداري من التصميم٫ وهذا يشمل العلاقات بين الوحدات الادرايه المختلفه٫ التسلسل الوظيفي٫ ضوابط العمل والاجراءات٫ اليات متابعة الاعمال وإدارة المشاريع وغيرها من الامور التي افادتني بشكل كبير في ادارتي لاستوديو مشبك.
هذه التجارب بشكل عام وغيرها تعمل كعناصر واضافات ومكونات لتجربتك التصميمية وجميعها تصب في بوتقة صقل الخبرات. اعتقد أن الفنون البصرية والتصميم هي لوحة فنية تزداد غنى كلما تنوعت تجاربنا واختلفت مكوناتها. في المقابل لعل آهم سلبيات العمل داخل منظمة هو انخفاض سقف الحرية الخاص بك كمصمم للتعبير عن أفكارك واختياراتك الفنية لكونك تعمل مع منظمة لها تسلسلها الاداري وهيكلها التنظيمي الذي قد يقتل الإبداع.
بشكل عام اتفق مع المقولة السائدة ان ….. واعتقد انه من المهم ان يعمل المصمم كموظف ولو لفترة بسيطة بعد تخرجه من الجامعه قبل أن ينطلق في العمل الحر.
مع موجه ريادة الاعمال في السعودية والعالم العربي٫ اليوم اصبح هاجس العمل بشكل حر اصبح موجوداً لدى فئة كبيرة من الشباب والشابات بما في ذلك المصممين. قبل ان تستقيل فكر جيداً بعواقب هذه الخطوة على حياتك المهنية وسأورد هنا اهم الاسباب التي تدعوك للاستقالة من وظيفتك كمصمم – سواءاً كنت داخل منظمة او لدى شركة متخصصة بالتصميم:
١- عندما تتوقف عن التعلم: اذا كان وجودك في الوظيفة فقط لأسباب اجتماعية كالضغوطات من العائلة اومادية لرغبتك في دخل ثابت بغض النظر عن العمل٫ اذا كنت تعمل لان مقر الشركة قريب من منزلك او لان القهوة التي يقدمها القهوجي لذيذة جداً. انصحك بالتوقف فوراً. التصميم مهنة مبنية على الشغف وهي للكثيرين حلم يسعون لتحقيقه. الحياة اقصر من ان تضيعها في مكان لايستحق ان تستيقظ كل يوم من اجله وتتكبد عناء المواصلات وتعديلات المدير وتعليقات الزملاء على مالايفهمونه في التصميم من أجل اسباب واهية. اذا لم يضف لك المكان تجربة وعلم ومهارة تجعلك مصمماً افضل فالأولى ان تبحث عن ذلك في مكان اخر.
(اعتقد انني اصبحت عاطفية بعض الشي في حديثي عن هذه النقطة)
٢- اذا كان عملك غير مقدر: أسوآ ماقد يواجهه المصمم هو عدم تقدير جهوده سواءاً من العميل او المدير او المنظمة بشكل عام. اعرف الكثير من المنظمات التي لاتعترف بالتصميم حتى في هيكلها الاداري بل تقحمه ضمن ادارة العلاقات العامة اوالاعلام اوحتى الدعم الفني!
عدم التقدير ايضاً يشمل ان ينسب عملك لغيرك (كالمدير او الادارة مثلا) دون الاشارة لجهودك٫ او النظر لعملك على انه مهارات فوتوشوب وتجاهل قيمته على المدى البعيد.
٣- لايوجد مستقبل وظيفي واضح: المنظمات الواعية هي التي تضع لموظفيها خطة تدعم نموهم ونجاحهم عبر السنوات. اذا كنت في مكان يجعلك تمارس نفس المهام وبنفس النمط بغض النظر عن تطور مهاراتك عبر السنوات فالأجدر ان تبحث عن مكان تستطيع فيه اخراج افضل مالديك.
٤- تعمل بشكل منفرد ومنعزل عن العالم: العمل مع فريق من آهم العناصر التي تزيد من قوة المصمم وتضيف لمهاراته وخبراته. اذا كنت تشعر انك تعمل بمعزل عن فريق ابداعي يضيف لك ويجعلك تفكر بشكل افضل فمن الافضل البحث عن خيارات اخرى.
شخصياً قد تكون هذه أسبابي وقد يكون أنني ارغب بصنع اثر أعمق في المجتمع والعالم من حولي من خلال التصميم٫ الامر الذي لاأتمكن من فعله اذا لم اتفرغ لإادارة مشروع الحلم مشبك وأزين.
مرة أخرى اعتقد ان الوظيفة مرحلة مهمة في حياة المصمم المهنية لكنها مشروطة بآمور كثيرة قد لاتتحقق وتضع آمامنا تحديات اكبر.
ختاماً حياتنا أقصر من أن نتواجد في أماكن أو نعمل في وظائف لاتحقق أهدافنا في الحياة.
دمتم بخير


المصدر
خنساء أبوناجي | مدونة تهتم بالتصميم الجرافيكي، الإعلان وبناء الهوية
http://www.kabunaji.com/

إقرأ أيضا :