كيف أتخلص من المعاصي وأتوب إلى الله؟

كيف أتخلص من المعاصي وأتوب إلى الله؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاماً، وأنا الصغرى، وأعيش مع والديّ بمفردي، وبقية إخوتي متزوجون -بفضل لله- منَّ الله عليّ أنني نشأت في بيت حافظ لكتاب الله، وأب وأم صالحين، ولكنني برغم هذا كله أعاني من أشياء كثيرة تؤرقني كثيرا في حياتي، ولا أعلم ما هو السبب الرئيسي في هذا كله:



أولاً: عندما كنت في المرحلة الثانوية -للأسف- جاءني الفضول لمعرفة الجنس الآخر ومما يتركب، وما شابه ذلك، فتطور عندي الموضوع لمرحلة أنني تعرفت على شاب على الأنترنت وبدأت الحديث معه، مع العلم أنني كنت أعيش في بيئة منغلقة، يخاف علي والداي من أقل شيء، وليس عندي أي تجارب في التعامل مع أي شخص أو مع الناس بشكل عام، فتطورت علاقتي مع هذا الشخص إلى حد أنني انسدل مني رداء الحياء، وكشفت له نفسي وعورتي، ومن يومها وأنا أمارس العادة البذيئة، ولوقتنا هذا أمارسها للأسف.



ثانياً: الحمد لله مستوانا المادي جيد، وصل بي الأمر أنني آخذ من أموال أبي دون علمه، رغم أنه لم يحرمني من شيء، وطلباتي أوامر، وأصرفها في شراء الملابس أو أصرفها في أشياء تتعلق بي، ووصل الأمر في يوم أنني سرقت منه 200 دولار، حيث كان عندي مشروع خاص في الكلية، وطلبت من أحدهم أن يكتبه لي، وطلب مني الكثير من المال، فخفت أن أفاتح أبي في الموضوع، ويقول لي أن المبلغ كبير، فاضطررت أن آخذه من وراءه، ولا أخبره، وسألني هل أنا أخذته؟ فأنكرت ذلك، وأنا أشعر بألم في داخلي بسبب كذبي، هذا أولاً.

ثانياً: أنني سرقت أبي، ولا أقدر أن أقول له أنني سرقت منه، وفي نفس الوقت لا يمكنني استرجاع هذا المال، وخائفة جداً، ولا أقدر أن أفاتح أبي وأقول له أنني سرقت منه، ما الذي أفعله ليرتاح ضميري؟

مع أنني أعلم أن الذي يريح ضميري هو أن أخبر أبي أنني أنا التي أخذت المال، ولكنني لا أستطيع ذلك.



ثالثاً: بسبب موضوع العادة البذيئة، أنا أخذت خطوة وتابعت مع طبيبة نفسية لمعالجتي، وكتبت لي على علاج (ديبريبان)، تابعت معها شهرين بدون علم أبي وأمي، ولكن أختي الكبرى هي من تعلم أنني أذهب للطبيبة، وأختي لا تعلم ما بي، أرشدتني على طبيبة نفسية زميلة لها في العمل، وعندما صارحت أبي وأمى بموضوع زيارة الطبيبة النفسية انفعل أبي انفعالاً شديداً، وقاطعني ووصل الموضوع أنه كان سينفصل عن أمي، ويترك المنزل، ومن يومها لم أذهب للطبيبة، ووجدت أن الدواء ليس له جدوى معي، ولا يوجد أي تطور.



ومشكلتي أنني لا أقوى على السيطرة على نفسي في موضوع هذه العادة، أمارسها منذ كان عمري 16 سنة إلى الآن، وعندما أقع في أي مشكلة أهرب من كل شيء، وأمارس هذه العادة، أو إذا كنت سعيدة أمارسها أيضا، وعندما أمارسها أتخيل أنني متزوجة، وأمارسها مع زوجي، وأنا الآن ليس لي أي محادثات مع شباب عن طريق النت، قطعتها منذ أن دخلت الجامعة، كل علاقاتي بالشباب في دفعتي في الكلية، وفي إطار الشغل الجماعي فقط، وليس أكثر من ذلك، وملتزمة معهم بالإطار الشرعي، ولكن عندما أختلي بنفسي أفرغ الكبت الذي بداخلي في هذه العادة، وأقوم بإثارة نفسي إلى أن أشعر بالراحة، ومن بعدها أحس أنني ارتكبت معصية، ولكن ليس بيدي شيء أفعله، أتمنى فعلا أن أتركها، ولا أعرف كيف أتركها؟ يوما ما سأترك العادة، ممكن أتركها لمدة شهر وارجع لها ثانية، واستمر فيها لمدة شهور وأقطع أسبوعين أو ثلاثة، وبعد ذلك أرجع لها ثانية.



ويؤسفني أن أقول أنني غير مواظبة على صلاتي بسبب هذه العادة، ولا أدري هل بممارستي لهذه العادة ينبغي علي بعدها أن أغتسل أم لا؟



وبالنسبة للصلوات التي تركتها ولم أصلها، كيف لي أن أقضيها؟ صلوات كثيرة جداً لم أصلها، والله أنا أشعر بألم رهيب بداخلي بسبب هذا الموضوع.



أولاً: بسبب تركي للصلاة.

ثانياً: موضوع العادة البذيئة.

مع أنني في الكلية عملية ومعظم وقتي مشغولة جداً، ولكنني أشعر بداخلي برغبة ملحة وشديدة للعادة، حتى في أوقات الإجازة أذهب للتدريب، ولما أرجع البيت متعبة، ولا بد أن أمارس العادة قبل النوم، وأحب أن أقول أن مع كمية الانشغال، إلا أنني أشعر في داخلي بشيء ينقصني، ولا أعلم ما هو؟ أشعر بشعور النقص من الجانب الوجداني والعاطفي.



أريد أن أرتبط وأن أحب وأصبح محبوبة، مع أنني أبلغ من العمر 22 عاماً، إلا أنه لم يتقدم أحد لخطبتي نهائياً، مع أن أبي على أتم الاستعداد إذا تقدم لي أحد أن يوافق، طالما على خلق ودين، وأبي يقول لي أنه راضي بقضاء الله، ولكن يريد أن يطمئن علي قبل أن يغادر هذه الدنيا، ولا يعلم لماذا لم يتقدم أحد لخطبتي إلى الآن، وأنا بيني وبين نفسي أقول لماذا لم يتقدم لي أحد إلى الآن، مع أنني -الحمد لله- على قدر من الجمال في المظهر والروح، وقريناتي يشهدن بذلك، ومعظم قريناتي إما مخطوبات أو متزوجات، وأرجع وأقول لنفسي أن السبب هو الذنب الذي أرتكبه فهو يحول بيني وبين هذا الرزق، وأريد فعلا أن أتركه، ولكن لا أعرف كيف أتركه.



مع العلم أنني صارحت والدتي بأنني أمارس هذه العادة، عندما قلت لها سبب ذهابي للطبيبة النفسية، والدتي انفعلت علي انفعالاً شديداً، ثم قالت لي عليك بالتقرب إلى الله فقط، ولا تذهبي للطبيبة، وعند حدوث أي خلاف بيني وبين والدتي تهددني أنها ستقول لأبي أنني أمارسها، بالله عليكم أريد حلاً لمشكلتي هذه.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ سماح حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



قطعًا مسلكك مع الشاب، ثم ممارسة العادة السرية بالصورة التي ذكرتها، أدت إلى تكوين فكري في كيانك أصبح بعدها النكران والتبرير يُسيطر عليك، مما جعلك تعتقدين أنك تودين أن تتركي العادة السرية، ولكنك لم ترتقي بتفكيرك ولا أفعالك للدرجة التي تسمح لك بالتوقف عنها.



أيتها الفاضلة الكريمة: الإشارات التي تُرسلينها إلى دماغك هي مخالفة تمامًا لما تنوين القيام به، أنت تحسين بالتفاعل المفضل إلى نفسك حين ممارسة العادة السرية، يشرد بك الخيال أنك متزوجة وخلافه، وفي ذات الوقت لم تتخذي الوسائل التي تكبح هذا الفكر.



فإذن الفعل لا يُوقفه إلا اختلاف وإيقاف الفكر، فهذا هو الذي أطالبك به، وأطالبك بأن تأخذي بشروط التوبة، ومن أهم شروط التوبة إيقاف الفعل، والندم على ما مضى.



إذا ضخمتِ مبدأ الندم على ما مضى وجعلته هو الذي يُحرك وجدانك وكيانك، قطعًا سوف تتوقفين عن العادة السرية؛ لأن الندم إذا أخلص الإنسان في تحسسه والأخذ به ومعايشته، يُغيِّر الخارطة الذهنية تمامًا عند الإنسان، هذا هو الذي تحتاجين له، الندم الذي يصل إلى مرحلة جلد الذات، هنا سوف تتساقط مشاعر الشهوة الكاذبة التي تأتيك عند ممارسة العادة القبيحة المفضوحة، وليست سرَّية من وجهة نظري، إذن التغيير في حالتك هو تغيير فكري.



موضوع السرقة من والدك: قطعًا أنت دخلت من البوابات التي فُتحت أمامك ويسَّرَتْ لك اضطراب المسلك، موضوع الشاب ليس بالسهل أبدًا، والسرقة تبعتْ ذلك، ثم أتى الآن موضوع العادة السرية، هذه بوَّابات فُتِحتْ ويجب أن تُغلق، وإن كنت جادة مع نفسك بالفعل يمكنك أن تصححي مسارك، هذا هو الذي أدعوك إليه وأنصحك به.



كثير من الفتيات اللواتي لهنَّ ممارسات خاطئة يعتقدنَ أنهنَّ غير مفضوحات، هذه الأخبار تتسرب، الفعل السيء حتى وإن عرفه أخلص الناس إليك، يخرج ويُعرف لدى الآخرين، وهذا هو الذي ربما قلل من فرصك بالزواج، لكن بشيء من تطهير النفس والسمو بها والصبر والاستغفار، وأن تسيري على طريق الهداية وإصلاح الذات، سوف يأتيك الزوج الصالح -إن شاء الله تعالى-.



بالنسبة للعلاج الدوائي: واصلي مع طبيبتك، والعلاج الدوائي يجب أن يصحبه شيء من الإرشاد والاسترشاد النفسي، وأنا متأكد أن الطبيبة سوف تقوم بذلك.



بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

------------------------------------------------------

انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-/ تليها إجابة: الشيخ موافي عزب -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعينك على التخلص من تلك السلبيات التي أفسدت عليك علاقتك بربك وعلاقتك بوالديك.



وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أنك قد ارتكبت أخطاءً عظيمة وجسيمة، وخنت الله ورسوله، وخنت والديك أيضًا، ووقعت في أمورٍ ما كان ينبغي لمثلك أبدًا أن يقع فيها.



ابنةٌ نشأت في بيت قرآن وعلم وتقوى وورع وصلاح، وتعلمت الدين بهذه الطريقة الرائعة، ثم في نهاية الأمر تعرض جسدها وعورتها على الشباب عبر النت؟ هذه أمور يندى لها الجبين وتتقطع لها قلوب المؤمنين الغيورين!



ثم بعد ذلك وقعت في ممارسة هذه الرذيلة القاتلة المدمِّرة التي ستحرمك حياتك في المستقبل، وأحب أن أذكرك بأمرٍ على جناح السرعة: أن الفتاة التي تتعود هذه العادة وهي صغيرة لا تستريح ولا تأنس ولا تسعد بزوجها عندما تُصبح زوجة؛ لأن زوجها لن يستطيع أن يصل بها أبدًا إلى هذه الدرجة من الشهوة والشِّبع، وبذلك تحكم على حياتها الزوجية بالجحيم، وتحكم عليها بالفشل -والعياذ بالله تعالى- وتظل عاصية لله –والعياذ بالله – حتى تلقى الله، إلا إذا توقفت عن هذه العادة في وقت مبكر، وأنت الآن قد مرت عليك سنوات وأنت على هذا العمل المشين السيء المحرم، وتسألين كيف تتخلصين منه؟



أقول: إنك قمت بعدة محاولات ونجحت فيها، فقد تركت هذه العادة مرة لشهر، ومرة لأقل، ومرة لأكثر، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك قادرة فعلاً على التخلص منها.



واعلمي – ابنتي سماح – أنه لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تُخرجك من هذا الذي أنت فيه إلا أنت، فسماح هي الوحيدة القادرة على إنقاذ سماح من هذا الفساد، فعليك بأخذ قرارٍ قوي وشُجاع وجريء بالتوقف عن هذه العادة مهما كانت النتائج.



أنا معك أنك ستعانين في أول الأمر، ولكن ستستريحين في نهاية الأمر، سيأتي عليك يوم تُغلقين هذا الباب نهائيًا وتعودين إنسانة طبيعية، واعلمي أن من أكبر أسباب عدم قبول أحد للتقدم لك كزوجة أو لخطبتك إنما لشؤم المعصية، لأن شؤم المعصية عظيم جدًّا، وأنت لا تشعرين به، وكان الصالحون من عباد الله يرون آثار المعصية على وجوه العُصاة، ولعل أيضًا الذي يتقدم إليك يرى في وجهك آثار المعصية فيَصْرِفه الله -تبارك وتعالى- عنك عقابًا لك، لأنك تخونينه -جل جلاله- وتخونين أيضًا والديك، فعاقبك الله -تبارك وتعالى- بالحرمان، رغم أن هناك من أقاربك من هو أقل منك درجة، ولكنَّ الله يسَّر له.



فإذن علاج المشكلة من نفسك أنت، لا تحتاجين إلى طبيبة، ولا إلى دواء، ولا إلى أي شيء، تحتاجين إلى قرار صادق، ثم البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى إثارتك وإغلاق هذه الأبواب نهائيًا.



بالنسبة للصلوات التي تركتها، أو كنت تصلين على جنابة؟

أقول لك: نعم، إن الماء الذي ينزل من الفتاة بعد الشهوة هو مني، يُوجب الغسل، فالصلوات التي صليتها بعد هذه العادة كنت على جنابة، أي لم تكوني طاهرة، وكان يلزمك بعد كل مرة – بعد ممارسة هذه العادة القبيحة – أن تغتسلي، لأنك الآن أصبحت جُنبًا جنابة كاملة.



فعليك بالتوبة إلى الله -تبارك وتعالى- من هذا الأمر والتوقف عنه في أقرب فرصة، واعلمي أنك قادرة على ذلك، لا تقولي لا أستطيع، هذه هزيمة نفسية، والشيطان يضحك عليك، ويضخم أمامك الأمر كما لو كان من المستحيل فعلاً أن تتوبي.



لو لم تكوني قادرة على التوبة ما أمرك الله -تبارك وتعالى- بها، ألم يقل مولانا: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله} فيستحيل أن يكلفنا الله بما لا نقدر عليه، فأنت قادرة – يا بُنيتي – على ترك هذه المعصية من أجل الله وحياءً من الله، ابحثي عن العوامل التي تؤدي إلى ضعفك وحاولي أن تتخلصي منها، عوامل الإثارة: إذا كنت وحدك منفردة أو إذا كنت في دورة المياه أو تشاهدين أشياءً، حاولي أن تتخلصي من ذلك كله.



الصلوات التي مرت عليك حاولي إعادتها لأنك ملزمة بذلك شرعًا، فأنت متقدمة في السن، فعليك بالمحافظة على الصلاة، ولو مع كل صلاة صلاة، حتى تصلي إلى درجة اليقين أنك قد صلَّيت الأوقات التي فاتتك أو معظمها.



توبي إلى الله من هذه الذنوب، استغفري الله -تبارك وتعالى- لأنك وقعت في جرائم عظمى ومتعددة ومتنوعة، احمدي الله أن الله لم يقبض روحك وأنت على هذه المعصية، كان من الممكن أن يتوفاك الله -تعالى- وأنت تمارسين هذه الرذيلة، فتأتين يوم القيامة والمعصية على وجهك.



غفر الله لك وتاب عليَّ وعليك.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1q9ZR8W

إقرأ أيضا :