تعرضت لتحرش من أخي، ومن حينها والمعاناة تلاحقني، فما الحل؟
السؤال:
السلام عليكم
أشكر القائمين على الشبكة الإسلامية، وأتمنى أن تجدوا حلًا لمشكلتي.
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، أدرس الصيدلة، ومتفوقة -ولله الحمد- في دراستي.
المشكلة التي حدثت في حياتي تركت في نفسي آثارًا عميقة، لا أجرؤ على الخوض فيها ولكني سأحاول؛ لأن رغبتي في الشفاء هي أقوى من أي شيء.
عندما كنت في سن 16 سنة خرجت مع أخي لطبيب الأسنان، وكان عمره 26 سنة، وحاول التحرش بي بطريقة غير مباشرة، كان يعمل معي حركات غير طبيعية؛ كان يلمس شعري بطريقة غريبة، أنا لم أصدق ما حصل، وانصدمت! وأخبرت أمي بكل شيء، وأمي تكتّمتْ على الأمر، وأصبح بداخلي حقد على أخي وأتمنى موته في كثير من الأحيان.
أمي واجهته بالموضوع واعتذر مني، ولكنه كان عصبيًا ولم يتقبل الأمر وأغلق الموضوع، وأمي كانت تعلم أني مجروحة ومصدومة، ولكنها لم تفعل شيئًا، وتكتّمتْ على الأمر؛ لأنها لم ترد المشاكل.
أنا أعتقد الآن بأن كل شيء سيء حصل في حياتي كان بسبب هذه الحادثة، وكثيرًا ما أبكي بحرقة بسببها حتى الآن، وأمي تسألني عن السبب؟ وعندما أخبرها أني لم انسَ الموضوع، تقول لي: بأني متوهمة. وأضافت أمي أنها دعت الله أن يزوجه، واستجاب الله لها، وهي مقتنعة أنها حادثة سخيفة لا تستحق التفكير، أما أنا، فشخصيتي انقلبت من إنسانة حيوية وذكية إلى إنسانة ليس لديها أدنى دافع لعمل أيّ شيء، وأصبحتُ أعقّ والدي، وعصبية، ومكتئبة في أغلب الأوقات، ولا أحافظ على الصلاة، لا أدري ما الحل؟ ولكني وصلت إلى مرحلة أرغب فيها أن أموت وأرتاح، ساعدوني، ما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وعد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرًا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا، وعلى عدم ممانعتك في نشر السؤال والجواب؛ ليستفيد منهما الأمهات والبنات ممن يمكن أن يتعرضن للتحرش الجنسي.
امتهان الأطفال أو اليافعين وخاصة الجنسي منه، حيث هناك الجسدي من الضرب وغيره، أو النفسي والعاطفي من سوء المعاملة، وبالذات إن كان التحرش الجنسي بين المحارم، والذي نسميه سفاح المحارم، من أشد أنواع الامتهان ضررًا على الأطفال واليافعين، وخاصة البنات، حيث هنّ أكثر عرضة لمثل هذا الامتهان الجنسي.
ومع الأسف هو موجود في كل المجتمعات، وعلى نسب متفاوتة، وليس هناك مجتمع محصّن من سوء المعاملة هذه ومن التحرش، وصحيح أن الوازع الديني له تأثير كبير في منع التحرش هذا، إلا أن الوازع الديني عند الناس شديد التفاوت من شخص لآخر، فقد يمنع الإيمان والخُلُق غالبية الناس من مثل هذا التحرش.
وإذا كان الامتهان من قبل فرد من أفراد الأسرة، أي سفاح المحارم، فالغالب أن الفاعل المعتدي هو الأب أو زوج الأم، أو الأخ، أو العم أو الخال. وقد يكون من خارج الأسرة كالجار أو البائع أو السائق أو الخدم أو المعلم أو المدرب الرياضي .. إلخ، والشيء المؤلم في الامتهان الجنسي أنه قد يقع من قبل الشخص المطلوب منه أصلًا حماية الطفلة ورعايتها، وكما حصل معكِ من قبل الأخ الأكبر وهو مسؤول أصلًا عن حمايتك، ومشكلة سفاح المحارم أنه عندما ينكشف أمره؛ فقد يؤدي لتفكّكٍ كاملٍ للأسرة، وما ينتج عن ذلك من مضاعفات فردية وأسرية واجتماعية.
وتتعرض الفتاة الضحية لمشاعر مختلطة متناقضة مزعجة، فمن جهة أنت تحبين أخاك؛ لأنه أخ، وفي ذات الوقت تكرهينه على صنيعه هذا، وكذلك أنت تحبين أمك إلا أنك تشعرين بالغضب الشديد تجاهها؛ لأنها لم تحمِك أصلًا من هذا التحرش، أو لأنها تقلّل من خطورة وأهمية هذا الأمر ومدى تأثيره عليك، ومع الأسف، الكثير من الآباء والأمهات لا يعرفون التصرف الأفضل في مثل هذه الحالات، ويغلب على تصرفاتهم الارتباك والحيرة في التعامل الأفضل.
ومع عدم توفر الرعاية الصحية النفسية المناسبة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فقد تعيش الضحية مع كل آلامها وذكرياتها وحيدة لسنوات وسنوات لا يعلم أحد عن معاناتها إلا الله والمعتدي، فهي تخشى أن تبوح بالأمر، وما يمكن أن ينتج عن هذا على أفراد الأسرة، وخاصة مع الوصمة الاجتماعية من البنت والمعتدي وكامل الأسرة. وكثير من الضحايا يألفن حياة معينة، ومن دون تلقي العلاج أو الإرشاد النفسي المطلوب، ولكن بعضهن يحتجن للعلاج النفسي المتخصص؛ بسبب التأثيرات السلبية لهذا التحرش، وكما حصل معك حيث اهتزّتْ ثقتك واهتزّ احترامك لأخيك وللأسرة.
أريد أن أذكر لك ما تعرفينه الآن؛ أولًا: إن ما حدث ليس من صنعك، ولا دور لك فيه، وأن ما حدث جريمة لا يُسأل عنها إلا مرتكبها؛ وهو أخوك، وخاصة أنه كان في عمر 26 سنة بينما أنت في 16، فأنت كنت طفلة بالتعريف القانوني للطفولة، ولا تعِينَ ما يحصل، وما يزيد التشويش أكثر أن الفاعل هو أخوك، ومن أين لك -وأنت مراهقة- أن تعلّميه ما يصلح وما لا يصلح؟ّ! فأنت لا تتحملين أي مسؤولية عما حدث، فلا تشعري باللوم الذي قد يوحيه إليك من ليس لديه خبرة في هذا الأمر.
أقترح إن وجدت صعوبة في التكيّف مع حياتك، وصعوبة في تجاوز ما حدث، وخاصة مع أفكار تمني الموت، فأنصحك بمراجعة أخصائية نفسية، حيث تتاح لك فرصة الحديث عما جرى، وتفرّغي ما في نفسك من العواطف والمشاعر الكثيرة والمتعارضة وبشكل آمن، بدلَ إخراجها بشكل مرَضيّ. ويمكن للأخصائية النفسية أن توفر لك العلاج النفسي المطلوب، مما يعينك على تحقيق أن تصبحي إنسانة عادية طبيعية مثل الآخرين.
وفقك الله، وحفظك من أي سوء، وأعانك على تجاوز ما حدث وهو قطعًا ليس بالقليل أو السهل، وهو ليس بالتوهم كما تقول أمك من باب التخفيف عنك، ويسّر لك سبل النجاح والتوفيق في دراسة الصيدلة.
السلام عليكم
أشكر القائمين على الشبكة الإسلامية، وأتمنى أن تجدوا حلًا لمشكلتي.
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، أدرس الصيدلة، ومتفوقة -ولله الحمد- في دراستي.
المشكلة التي حدثت في حياتي تركت في نفسي آثارًا عميقة، لا أجرؤ على الخوض فيها ولكني سأحاول؛ لأن رغبتي في الشفاء هي أقوى من أي شيء.
عندما كنت في سن 16 سنة خرجت مع أخي لطبيب الأسنان، وكان عمره 26 سنة، وحاول التحرش بي بطريقة غير مباشرة، كان يعمل معي حركات غير طبيعية؛ كان يلمس شعري بطريقة غريبة، أنا لم أصدق ما حصل، وانصدمت! وأخبرت أمي بكل شيء، وأمي تكتّمتْ على الأمر، وأصبح بداخلي حقد على أخي وأتمنى موته في كثير من الأحيان.
أمي واجهته بالموضوع واعتذر مني، ولكنه كان عصبيًا ولم يتقبل الأمر وأغلق الموضوع، وأمي كانت تعلم أني مجروحة ومصدومة، ولكنها لم تفعل شيئًا، وتكتّمتْ على الأمر؛ لأنها لم ترد المشاكل.
أنا أعتقد الآن بأن كل شيء سيء حصل في حياتي كان بسبب هذه الحادثة، وكثيرًا ما أبكي بحرقة بسببها حتى الآن، وأمي تسألني عن السبب؟ وعندما أخبرها أني لم انسَ الموضوع، تقول لي: بأني متوهمة. وأضافت أمي أنها دعت الله أن يزوجه، واستجاب الله لها، وهي مقتنعة أنها حادثة سخيفة لا تستحق التفكير، أما أنا، فشخصيتي انقلبت من إنسانة حيوية وذكية إلى إنسانة ليس لديها أدنى دافع لعمل أيّ شيء، وأصبحتُ أعقّ والدي، وعصبية، ومكتئبة في أغلب الأوقات، ولا أحافظ على الصلاة، لا أدري ما الحل؟ ولكني وصلت إلى مرحلة أرغب فيها أن أموت وأرتاح، ساعدوني، ما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وعد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرًا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا، وعلى عدم ممانعتك في نشر السؤال والجواب؛ ليستفيد منهما الأمهات والبنات ممن يمكن أن يتعرضن للتحرش الجنسي.
امتهان الأطفال أو اليافعين وخاصة الجنسي منه، حيث هناك الجسدي من الضرب وغيره، أو النفسي والعاطفي من سوء المعاملة، وبالذات إن كان التحرش الجنسي بين المحارم، والذي نسميه سفاح المحارم، من أشد أنواع الامتهان ضررًا على الأطفال واليافعين، وخاصة البنات، حيث هنّ أكثر عرضة لمثل هذا الامتهان الجنسي.
ومع الأسف هو موجود في كل المجتمعات، وعلى نسب متفاوتة، وليس هناك مجتمع محصّن من سوء المعاملة هذه ومن التحرش، وصحيح أن الوازع الديني له تأثير كبير في منع التحرش هذا، إلا أن الوازع الديني عند الناس شديد التفاوت من شخص لآخر، فقد يمنع الإيمان والخُلُق غالبية الناس من مثل هذا التحرش.
وإذا كان الامتهان من قبل فرد من أفراد الأسرة، أي سفاح المحارم، فالغالب أن الفاعل المعتدي هو الأب أو زوج الأم، أو الأخ، أو العم أو الخال. وقد يكون من خارج الأسرة كالجار أو البائع أو السائق أو الخدم أو المعلم أو المدرب الرياضي .. إلخ، والشيء المؤلم في الامتهان الجنسي أنه قد يقع من قبل الشخص المطلوب منه أصلًا حماية الطفلة ورعايتها، وكما حصل معكِ من قبل الأخ الأكبر وهو مسؤول أصلًا عن حمايتك، ومشكلة سفاح المحارم أنه عندما ينكشف أمره؛ فقد يؤدي لتفكّكٍ كاملٍ للأسرة، وما ينتج عن ذلك من مضاعفات فردية وأسرية واجتماعية.
وتتعرض الفتاة الضحية لمشاعر مختلطة متناقضة مزعجة، فمن جهة أنت تحبين أخاك؛ لأنه أخ، وفي ذات الوقت تكرهينه على صنيعه هذا، وكذلك أنت تحبين أمك إلا أنك تشعرين بالغضب الشديد تجاهها؛ لأنها لم تحمِك أصلًا من هذا التحرش، أو لأنها تقلّل من خطورة وأهمية هذا الأمر ومدى تأثيره عليك، ومع الأسف، الكثير من الآباء والأمهات لا يعرفون التصرف الأفضل في مثل هذه الحالات، ويغلب على تصرفاتهم الارتباك والحيرة في التعامل الأفضل.
ومع عدم توفر الرعاية الصحية النفسية المناسبة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فقد تعيش الضحية مع كل آلامها وذكرياتها وحيدة لسنوات وسنوات لا يعلم أحد عن معاناتها إلا الله والمعتدي، فهي تخشى أن تبوح بالأمر، وما يمكن أن ينتج عن هذا على أفراد الأسرة، وخاصة مع الوصمة الاجتماعية من البنت والمعتدي وكامل الأسرة. وكثير من الضحايا يألفن حياة معينة، ومن دون تلقي العلاج أو الإرشاد النفسي المطلوب، ولكن بعضهن يحتجن للعلاج النفسي المتخصص؛ بسبب التأثيرات السلبية لهذا التحرش، وكما حصل معك حيث اهتزّتْ ثقتك واهتزّ احترامك لأخيك وللأسرة.
أريد أن أذكر لك ما تعرفينه الآن؛ أولًا: إن ما حدث ليس من صنعك، ولا دور لك فيه، وأن ما حدث جريمة لا يُسأل عنها إلا مرتكبها؛ وهو أخوك، وخاصة أنه كان في عمر 26 سنة بينما أنت في 16، فأنت كنت طفلة بالتعريف القانوني للطفولة، ولا تعِينَ ما يحصل، وما يزيد التشويش أكثر أن الفاعل هو أخوك، ومن أين لك -وأنت مراهقة- أن تعلّميه ما يصلح وما لا يصلح؟ّ! فأنت لا تتحملين أي مسؤولية عما حدث، فلا تشعري باللوم الذي قد يوحيه إليك من ليس لديه خبرة في هذا الأمر.
أقترح إن وجدت صعوبة في التكيّف مع حياتك، وصعوبة في تجاوز ما حدث، وخاصة مع أفكار تمني الموت، فأنصحك بمراجعة أخصائية نفسية، حيث تتاح لك فرصة الحديث عما جرى، وتفرّغي ما في نفسك من العواطف والمشاعر الكثيرة والمتعارضة وبشكل آمن، بدلَ إخراجها بشكل مرَضيّ. ويمكن للأخصائية النفسية أن توفر لك العلاج النفسي المطلوب، مما يعينك على تحقيق أن تصبحي إنسانة عادية طبيعية مثل الآخرين.
وفقك الله، وحفظك من أي سوء، وأعانك على تجاوز ما حدث وهو قطعًا ليس بالقليل أو السهل، وهو ليس بالتوهم كما تقول أمك من باب التخفيف عنك، ويسّر لك سبل النجاح والتوفيق في دراسة الصيدلة.
via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/U52Ipm