أنفي كبير وسبب لي أزمة نفسية، فهل يمكن أن أجري عملية لتجميله؟

أنفي كبير وسبب لي أزمة نفسية، فهل يمكن أن أجري عملية لتجميله؟

السؤال:

أنا فتاة أعاني من أنف عريض وكبير، وهذا سبب لي أزمة نفسية لا تنتهي! أرجوكم أفتوني: ما حكم عمليات التجميل للأنف؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،



فإن هذا السؤال -بحمد الله عز وجل– فيه إشارةٌ واضحة إلى أنك فتاة تحرصين على مراعاة حدود الله جل وعلا، فأنت لا تريدين أن ترتكبي محرمًا من المحرمات ولو كان ذلك في أمر تجدين حاجته في نفسك، وهذا يدل على خير فيك - بحمد الله عز وجل – ويدل على أنك فتاة تحرصين على طاعة الرحمن، فأبشري إذن بفرج الله وقرب معونته، فإن من يتق الله -جل وعلا- يجعل له ربه تعالى المخرج القريب، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}.



وأما عن سؤالك الكريم، فإننا نود أولاً أن نقدم تقدمة له ثم نعقب بعد ذلك ببيان الحكم الشرعي الذي قد سألتِ عنه والذي هو أصل كلامك، فهذه التقدمة تتعلق بالمظهر والجمال، فلابد أن تنتبهي إلى أن هنالك كثيرًا من الفتيات يتأملن في أبدانهنَّ؛ فمنهنَّ من تتأمل في وجهها فتظن أن في عينيها بشاعة أو في أنفها ضخامة أو في وجنتيها بروزًا ظاهرًا، أو أن وجنتيها منخفضتين هامدتين ليس فيهما بروز، وأن ذلك يجعلها قبيحة في أعين الناس، ومنهنَّ من تظن أن شفتيها بارزتين كثيرًا، وأخرى تظن أن شفتيها ذابلتين صغيرتين، فهذه تريد أن تصغِّر وتلك تريد أن تكبِّر، وغير ذلك من الأوصاف التي تقع لكثير من الفتيات، والحامل على هذا هو التدقيق الزائد في المنظر وفي الصورة.



ولا ريب أن الإنسان بطبعه يحرص على أن يكون صاحب منظر جميل حسن، فهذا من فطرته، وهذا لا مانع منه، ولكن هنالك الكثير من التدقيق والإمعان في التفتيش عن أعضاء البدن قد يصل بالإنسان إلى حد الوسوسة إلى حد أن يظن أنه بشع والأمر ليس كذلك بل هو مخالف تمامًا؛ حتى أن بعض الأسئلة الواردة إلينا تجدين فيها أن الفتاة - بحمد الله عز وجل – مخطوبة وأنها على وشك الزواج؛ ومع هذا تقول إنني أعاني من قلة جمالي وإنني بشعة ونحو ذلك من الألفاظ، التي يُعلم ضرورة أنها لو كانت صوابًا؛ لما أقدم هذا الخاطب على خطبتها وعلى الحرص عليها والتمسك بها.



والمقصود أن تنتبهي إلى هذا المعنى وألا تدققي على نفسك هذا التدقيق، ولكن ارضي بما قسم الله لك وانظري لنفسك على أنك مقبولة الشكل، وهذا هو الغالب في النساء، فإن مما يُعينك على فهم هذا الأمر أن تعلمي أن أصناف الناس في حال الناس في الجمال على ثلاثة أصناف: فمنهم الجميل الرائع ومنهم القبيح ومنهم المقبول في شكله.. فالقسمان الأول والثاني نادران في الناس، والغالب فيهم هو القسم الأخير ألا وهو الشكل المقبول، فهذا إن تزين فيه الإنسان صار حسنًا لطيفًا، لاسيما المرأة التي أصل نشأتها في الزينة والحلية، ففي هذا تعلمين أنه لا داعي للتدقيق في نفسك بهذه الصورة؛ ولا داعي لأن يسبب لك هذا الأمر أزمة وحرجًا كما قد وصفت في كلامك الكريم، بل عليك أن تتقبلي شكلك الذي جعلك الله جل وعلا عليه وخلقك عليه، وأن تتعاوني مع الناس دون الالتفات لهذا المعنى، ولعل الله أن يقر عينك بالخاطب الصالح والزوج الكريم الذي يسعدك ويفرح قلبك.



فانتبهي لهذا المعنى، واطردي هذه الفكرة من ذهنك ولا تجعليها سببًا للتنغيص، وسببًا للشعور بالنقص، وغير ذلك من الآفات التي قد تعرض بسبب هذا الأمر.



إذا عُلم هذا فإن حكم عملية تجميل الأنف لتصغيره أنها محرمةٌ شرعًا، فلا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة أن يقوم بإجراء هذه العملية؛ وذلك لأن الأنف قد خُلق على هذه الهيئة ولا يحل للمؤمن أن يُغير خلقة الله التي خلقه عليها جل وعلا، بل إن هذا من أمر الشيطان وعمله؛ كما قال جل وعلا على الشيطان: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً}.



فبين جل وعلا أن تغيير خلقة الله إنما هو من أمر الشيطان ومن إرادته وأن من فعل ذلك فقد اتبعه في سبيله، وأيضًا فقد ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟



فقد ثبت بذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قد لعن من غيَّرت خلق الله جل وعلا، بل دل ذلك على غلظ تحريم تغيير خلق الله جل وعلا، فعليك بأن تأخذي بتقوى الله وأن تتذكري أن من يتق الله يجعل له مخرجًا، وأيضًا فعليك بالدعاء أن يرزقك الله الزوج الصالح الذي يقر عينك.



وكما أشرنا فإن قطع الفكرة وعدم الالتفات إلى هذا الأمر هو أساس الحل، ثم بعد ذلك عدم التفتيش على نفسك والنظر في المرآة كالمتفقدة لحال وجهك وحال هذا العضو خاصة فلا تفعلي ذلك، ولكن تعاملي التعامل العادي الطبيعي الذي لا يجعلك صاحبة اهتمام لهذا الأمر، ونسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.



وبالله التوفيق.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1kaIt3L

إقرأ أيضا :