هل ما تمر به ابنتي هو نوعٌ من المراهقة الحادة؟

هل ما تمر به ابنتي هو نوعٌ من المراهقة الحادة؟

السؤال:

السلام عليكم.



لدي بنت عمرها 14 سنة، وهي الصغرى بين إخوتها، تحجبت منذ البلوغ -منذ عامين-، متدينة ولها أخلاق حسنة، لاحظتُ عليها تغيرا كبيرا منذ حوالي تسعة أشهر، هذا التغير يتجلى في العناد، وإثبات الذات، وإكثارها من الطلبات، كشراء هاتف نقال ذي الجودة العالية -جهاز لوحي-، والخروج مع صديقاتها، وغير ذلك، وإذا لم نلب لها طلباتها، تزيد في تعنتها وعنادها.



مثال بسيط يجسد هذا التعنت والعناد: أصبحت عندما تلج غرفتها تغلق الباب، ونحن ليس من عاداتنا إغلاق أبواب غرفنا على أية حال ما دام ليس هناك داع، وهي بذلك وكأنها تريد أن تعيش عالمها الخاص في عزلة تامة، حتى أنها أصبحت لا تأتي لتناول الوجبات الرئيسية معنا بداعي أنها غير جائعة، وآنذاك تكون مشغولة مع جهازها في الدردشة وتضييع الوقت.



هذا العناد والتعنت يتجسد في كونها كلما دخلت غرفتها لا تغلق بابها بروية، بل تغلقه بقوة قليلا، حتى وإن لم تكن غاضبة أو متذمرة من القرارات أو النقاشات.



تراجَعَت في دراستها، بمبرر أنها تريد الاستمتاع بطفولتها، حيث إنها تلعب كثيرا بالدراجة خارج المنزل، وتدمن على الفيسبوك، حيث أنها لا تنفك تبتعد عن الجهاز اللوحي الذي تستعمله في الدردشة وتضييع الوقت.



تخوفي الآن هو أن تتراجع عن تدينها والتزامها، مع العلم أننا أسرة متدينة، وقد شَبَّت منذ طفولتها على الأخلاق الحسنة، إلا أنها بدأت تقارن بين ما هي عليه وبين واقعها، وتتساءل: لماذا لا أكون أنا مثل الناس؟ لماذا لا أخرج مع صديقاتي وألهو وألعب؟



في السابق، كانت تواظب على الجلسة الإيمانية التي كانت تحضرها، بل كانت تواظب على الذهاب للمسجد حيث بدأت حفظ القرآن الكريم من الأحزاب الأولى من سورة البقرة، ولكن لما تغيرت لم تعد تواظب لا على هذا ولا على ذاك -للأسف الشديد-.



ألاحظ على ابنتي في وضعها الحالي، وكأن لها "ازدواجية" في الشخصية، فمثلاً: أحياناً تقول لي أنا سأدرس وسأجتهد وسأبتعد عن الملهيات وغير ذلك، ولكنها لا تقوم بذلك، يعني أنها مقتنعة في عقلها الباطني أن عليها أن تفعل ذلك للتفوق، لكنها لا تطبق ما تقوله.



ربما أسمي المرحلة التي تمر منها ابنتي بالمراهقة الحادة، فهي حقا لم تنضج بعد، فعندما أقول لها يجب أن تدرسي وتجتهدي، تقول لي، "نعم نعم معك حق، ولكنني أعرف ما أفعل"، كما أن من مظاهر هذه المراهقة الحادة أنها أحيانا ترد علي الكلام، وترفع صوتها عند مجرد نقاش عادي أحيانا، فلم تعد تتعود على الكلام الهادئ.



وفي إحدى المرات، كان لديهم امتحان في مادة الرياضة بالمدرسة، وأثناء سيرها وقعت، ولم تبغ النهوض، سواء كانت تضررت مما حدث لها أو لم تتضرر، فأخذوا يحاولون معها على أن تنهض، ولكنها رفضت بشكل متعنت، ورفضت التحدث مع الجميع، حتى اضطر بعض الشباب إلى حملها بالقوة وأخذوها إلى غرفة خاصة بالإسعافات الأولية، وبعد ذلك اتصلت بي المؤسسة لتطلعني بالأمر، فلما أتيت إليها وتكلمت معها، آنذاك تجاوبت معي، وأعدتها إلى المنزل، فبماذا تسمي هذا السلوك الغريب الذي حدث معها؟ وكيف أعالج هذه الحالة التي تمر بها ابنتي حاليا؟ وكيف أعالج مشكلة إدمانها على الفيسبوك والدردشة؟



وأشكركم شكرا جزيلا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ أم هبة حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



نرحب بك وبابنتك ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية.



ونؤكد أن هذه الفتاة تمر بمرحلة عمرية تحتاج إلى أن نستبدل التعليمات بالحوار، ولا نشعرها بأنها صغيرة، بل ندخل إلى عالمها ونشعرها أنها كبيرة، ونقترب منها، وندخل في حياتها، ونعطيها شيئاً من الثقة مشوبة بالحذر.



وهذه المرحلة لا تخلو من العناد أو الرغبة في إثارة الكبار، ولا تخلو في الخروج عن المألوف، ولا تخلو في الخروج مع جماعة الرفاق، هذه كلها أشياء هي صفات فعلية لهذه المرحلة التي تمر بها هذه -البنت الفاضلة-، ولذلك نتمنى أن تتجنبوا النقد، وتشعرونها بأنها مقبولة، وأن تقتربوا منها، وتكثروا من الدعاء لها والإقناع، وبدلا من أن تقولي ذاكري، قولي: أليس المصلحة للإنسان أن يذاكر ويرتب وقته، وما هو الجدول الذي تقترحيه..وتبدئين في محاورتها على أنها إنسانة كبيرة.



أما أن تقولي لها: اقرئي فلن تقرأ، أو صلي فلن تصلي، التعليمات المباشرة تولد عندها العناد، فهي تشعر بأنها كبيرة وناضجة وعاقلة، بل ربما تشعر بأنها الأعلم والأفهم، وأن الناس لا يفهمون، فنتمنى أن تغيروا طريقة التعامل معها، وأن تشعروها بالثناء والمدح على إيجابياتها، وتحاولوا عدم النقد على سلبياتها بعنف، ولكن بطريقة الحوار.



فإذا لبست حجابها فلنقل هذا أجمل، وإذا صلت فلنظهر الفرح والبشاشة، وتجنبوا التحقيق معها، وتجنبوا إحراجها دائما، وحاولوا ربطها بالصالحات، واجعلوها تتواصل مع الأسرة، ونتمنى أن تدخلوا إلى عالمها حتى تحس بالأمان، فتخبركم بكل ما حصل معها.



والموقف الذي حصل في المدرسة يندرج في هذا السياق، فهي ربما بعنادها ورفضها الكلام تريد لفت النظر ومصدر اهتمام، فأعطوها هذا الجانب، ودائما الأشياء المفقودة تبحث عنها في الخارج، وربما كان لها مواقف من الذين كلموها، ونقدر أيضاً موقف سقوط الفتاة بين الصبيان في المدرسة، حتى لا تفتح أبوابا لهم للكلام معها، ومحاولة معرفة الكثير عنها، فقد تكون هنالك أسباب من هذا النوع، وينبغي أن يكون هنالك اهتمام وخطة موحدة مع الأسرة، خاصة في هذا الوضع الذي يبدو أنه يوجد فيه ذكور وإناث في مكان واحد، وهذا فيه خطورة، وخاصة في هذه المرحلة العمرية، ولذلك لا بد أن نؤمنها ونشعرها على أنها محبوبة، حتى لا تتسول المشاعر في الخارج، ونهتم بها حتى لا تحاول لفت النظر والاهتمام، ونحاول أن نعطيها مساحة لإظهار مواهبها، ونُشعرها بحاجة البيت إليها وحبنا لها، وهناك برنامج على النت وهو قواعد السعادة الأسرية، ففيه كلام كثير ومفصل عن هذه المرحلة العمرية، وستجدون فيه كلام ومحاضرات في هذا الجانب.



نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2203655

إقرأ أيضا :