أعاني من الوسواس الشديد في عد وحساب النقود المالية

أعاني من الوسواس الشديد في عد وحساب النقود المالية

السؤال:

السلام عليكم



أعاني من حالة الوسواس القهري المتعلق بالمسائل والمعاملات المالية، حيث أنني أراجع أي عملية مالية، ولو كانت بسيطة عشرات المرات للتأكد من صحتها، وإن لزم الأمر واستطعت استعنت بالآخرين للتأكد من مطابقة الأرقام مع بعضها البعض.



مثلا إن أعطيت أحد الأشخاص مالا على الرغم من أنني أعده قبل إعطائه إياه عشرات المرات، وأضعه في ظرف مغلف، بعد أن ألقي عليه نظرات ثاقبة، وأنا أضعه أجد نفسي قد شككت بالأمر فأقوم بفتح المغلف مرة أخرى والتأكد من ذلك، وإن كان التسليم باليد فأقوم بعده قبل إعطائه المبلغ ثم أطلب منه أن يعده فإن أخطأ بالاحتساب أشك وأطلب منه أن يعده مرة أخرى فإن طابق أقوم بتسجيل الرقم الذي يقوله على ورقة، وبعد أن أفارقه أشك بالأمر حول المبلغ الذي أعطيته إياه فأخرج الورقة وأتأكد من الرقم وتراودني نفسي أن أقوم بالاتصال معه للتأكد.



أحيانا أخرى يتطلب الامر أن آخذ نسخة من الورقة التي لي بموجبها معاملة مالية للاحتفاظ بها، فمثلا كانت لي معاملة مالية وأنا شهدت على ما كتب عليها بأنني أستحق مبلغ كذا عن12يوما وتأكدت أن من كتب ذلك تأكد هو الآخر من ذلك، ولكن عندما قام موظف الصرف بالاتصال بي وسؤالي عن المدة شككت بكل شيء وأصبحت أدور في دوامة، ومع ذلك عندما ذهبت لاستلام المستحقات طلبت منه رغم أنني متأكد من المدة أن يريني المدة وفق ما كتبه المسؤول فأراني إياها وتأكدت من ذلك وعندها طلبت منه أن يعطيني نسخة منها فرفض، ولما غادرت مكتبه شككت بما رأيته هل حقا رأيت ما أريد أم أن ذلك يعود لشخص آخر.



ما يزيد الطين بله أنه عندما أقوم بدفع مبلغ لشخص دون توثيق أشك بعد ذلك هل أعطيته أم لا؟! فأعود وأسأله فيقول لا أدري أنت أعلم مني، فخروجا من الخلاف أرتب على ذمتي هذا المبلغ وأدفعه مرة أخرى.



كما أنني أقوم بحفظ جميع نسخ المعاملات المالية، حتى امتلأ البيت عندي بالملفات، والمشكلة أنه لو على سبيل الصدفة راجعت أحد الملفات ولم أفهم معاملة مالية فإنني أقوم بإثبات الذمة علي، فأصبحت بين نارين إن سجلت المعاملة ووثقتها علقت بمراجعتها مستقبلا، وامتلأ البيت بالأوراق، وإن لم أوثقها نسيتها وألزمت نفسي بذمة جديدة.



هذا فيض من غيض، فما أريد معرفته ما هو التفسير النفسي لذلك؟ وكيف يمكن أن أتخلص من ذلك؟ وما علاقة الرياضة بذلك؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ الموسوس حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



الأصل في السلوك الإنساني أننا نحتاج إلى الطاقات التي ربما يكون في ظاهرها سلبية لكنها مهمة وإيجابية جدًّا، فمثلاً نحتاج لدرجة من القلق حتى نثابر وتكون لنا دافعية، نحتاج لدرجة من الخوف حتى نحمي أنفسنا، نحتاج لدرجة من الشك حتى نتحرى الأمور بدقة، ونحتاج درجة من الوسوسة حتى نكون أيضًا أكثر انضباطًا وأكثر دقة.



إذًا - أخِي الكريم – الأصل في الأمور هو أن تُوجد هذه الطاقات النفسية، - هذه السلوكيات وهذه السمات - لكنها كثيرًا ما تتجاوز الحد المطلوب، وهنا تدخل الحالة فيما نسميه بـ (الطيف الوسواسي المرضي) وقطعًا الذي تعاني منه هو نوع من الوساوس القهرية التي فرضت نفسها عليك، ويُعرف أن موضوع المال موضوع حساس، وقد يكون الإنسان تعرض لموقف حدثت فيه مشكلة مالية، ومن ثم أصبح مُدققًا لدرجة كبيرة.



ما تفعله هو فعل وسواسي، زائد عن الانضباط المطلوب في خصوص التعاملات المالية.



أريدك أن تقرأ آية الدين {يا أيهَا الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... } إلى آخر الآية، اقرأها وتفكر فيها وتأملها، وخذ الضوابط الشرعية الموجودة بها.



يجب أن تراجع ممارساتك التي ذكرتها لي في هذه الرسالة، وقد أوردتها بصورة جميلة جدًّا، أريدك أن تكتبها في ورقة واحدة تلو الأخرى، ثم تبدأ في تحقير كل فكرة لوحدها، ناقش نفسك، وقل (هذه الفكرة فكرة وسواسية حقيرة، لن أقوم بها مرة أخرى، وسوف أقوم بفعل ضدها) يعني هنا تكون قد أغلقت على الوسواس من الناحية الفكرية، وفعل الضد لا شك أنه هزيمة كبيرة للوسواس.



قد لا يكون الأمر بهذه البساطة، لكن هذه هي المبادئ السلوكية، أن يُعرض الإنسان نفسه لمصدر وسواسه دون أن يستجيب استجابة سلبية، ومن الضروري جدًّا أن تبني على اليقين، حين تتعامل معاملة مالية معينة ركّز التركيز الأولي فقط، وقل لنفسك (لن أعيد هذا الأمر مرة أخرى).



الذي يظهر لي أنك قد تتعامل مع الأمور بشيء من التساهل في بدايتها، ثم بعد ذلك يتصعد عندك الفكر الوسواسي مما يدعم عملية المراجعات المتكررة والمُجهدة لك جدًّا.



العلاج الدوائي مطلوب في حالتك، قد تستغرب ما هي علاقة الدواء بالوساوس؟ أقول لك: إن العلاقة وثيقة جدًّا، والعوامل البيولوجية تساهم في تدعيم الوساوس، فهنالك بعض المواد الكيميائية في الدماغ تسمى بالمرسلات، وعلى وجه الخصوص المادة التي تسمى (سيروتونين) وجد أنها تلعب دورًا كبيرًا في تكوين واستمرارية الوساوس.



ربما يكون من الجميل أن تذهب وتقابل أحد الأطباء النفسيين، ولن تحتاج لأن تستمر على الطبيب لأكثر من مرتين أو ثلاث.



أعتقد أن الطبيب سوف يقوم بتشخيصك ويقوم بوصف أحد الأدوية لك، ويعطيك أيضًا المزيد من التوجيهات، وربما تحتاج لتطبيقات سلوكية عملية مباشرة مع المعالِج.



هذه ربما تحتاج لها، وسوف تكون مفيدة جدًّا لك، وبالنسبة للرياضة: الرياضة تمتص القلق والتوترات، والوساوس في أصلها، فلها مكون قلقي كبير جدًّا.



أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.







via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2196327

إقرأ أيضا :