قطعت علاقتي بمن أحببتها لعدم تحملها المسؤلية.. ما نصيحتكم؟

قطعت علاقتي بمن أحببتها لعدم تحملها المسؤلية.. ما نصيحتكم؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



قبل كل شيء نجدد شكرنا وامتناننا لكم على هذا الموقع الرائع الذي قلما نجد أمثاله بما لكم من اهتمام ومساعدة لكل سائل دون استثناء، وبما فيه من خير في تقديم الحلول والنصح والإرشاد لخدمة الإنسانية والإسلام والمسلمين، فبارك الله فيكم على مجهودكم الثمين.



لا أعلم كيف أبدأ رسالتي هذه، ولا أعلم كيف أفسر لحضراتكم حزني وأسفي في أمري هذا، بل ويأسي من الحياة، ومن كل شيء حولي، فحالتي النفسية على أسوء ما تكون، والتي أثرت سلبا حتى على علاقتي بأسرتي وانعزالي عنهم، بل وحتى عن العالم أجمع.



أنا شاب عمري 30 سنة، طالب دراسات عليا في إحدى الجامعات، بدأت قصتي قبل سنة ونصف عندما تعرفت على فتاة بالصدفة في إحدى المواقع الاجتماعية عبر الانترنت، والتي تبلغ من العمر 25 سنة، رغم المسافات التي تفصل بيننا كونها في بلد وانأ في بلد آخر، ورغم عدم تمكننا من اللقاء وجها لوجه لظروف بلدي بانتمائي لبلد لحقته ما لحقته من خراب ودمار وصعوبة حصولي على تأشيرة دخول لبلدها رغم المحاولات.



ومن جهة أخرى دراستي التي حالت دون الحصول على فرصة مناسبة لذلك حتى ولو لمرة واحدة، إلا أننا أحببنا بعضنا حبا ليس بعده حب، فعلاقتنا كان يسودها الحب المتبادل والاحترام حبا نهايته الارتباط والعيش معا إلى الأبد، فقد كانت أفكارنا متقاربة والتفاهم الذي هو أساس كل ارتباط بشكل يحسد عليه، بغض النظر عن بعض المرات التي كانت تنتاب علاقتنا الفتور بسبب بعض الخلافات التي كانت تحدث بين حين وآخر، تلك الخلافات التي كانت سببها الوحيد والتي طالما عانيت واشتكيت منها لها ألا وهي صفة ( اللامبالاة )، وعدم الاكتراث والبرود من كل النواحي في الحياة التي كانت عليه، والذي اكتشفته فيها يوما بعد يوم.



كنا بل الأصح كنت أسعى جاهدا، بل وتاركا كل شيء لأتابع حالتها وأرشدها كي تتخلص من هذه الصفة التي لا تطاق، والتي لا تقام أسرة على أثرها لما يستوجب ذلك من حرص على تربية الأبناء وإدارة البيت لإنشاء أسرة رصينة مبنية على الجدية والالتزام.



كانت بدورها تستجيب لإرشاداتي وتوجيهاتي رغم عدم اكثراتها أيضا للتحسن وأخذ الأمور بالجدية التي يستوجب عليها.



مع العلم أنها متعلمة وذات شهادة في اختصاص معين، وهي تعمل كمسؤولة في إحدى الشركات التجارية في بلدها بما تستوجب هذه الوظيفة من حرص والترام.



طالما استأتُ من حالتها تلك ورغم تحذيراتي بأن الأمر يؤثر سلبا على علاقتنا، وإنها تدمر حياتنا ومستقبلنا، بل وحتى انفصالنا لمرات عدة كمحاولة لتنبيهها حول خطورة الموقف، فلم أتمكن من منعها أو حتى تحسينها ولو بالجزء اليسير عما هي عليه.



لقد تعبت جدا من هذه المشكلة؛ لأنها كانت مصدر سعادتي في الحياة، ومصدر عيشي وأملي لعيش غد بما أحببتها، هي أيضا تبادلني نفس الشعور، بل وحتى أكثر، ولكن مرضها هذا جردها من الحياة أمام ناظري لتصبح كقطعة من أثاث، أو بابا أو حائطا!.



لكن الأسوء في الأمر، وبالنظر في تصرفاتها ومواقف عدة مشهودة اتضح لي يوما بعد يوم من أنها لا تعاني من اللامبالاة، فحسب بل تيقنت أنها تعاني من مرض ( الغباء ) ـ عفوا على الكلمة ـ أو عدم الفهم أو الإدراك واحتواء الموقف والشعور بمدى جدية الأمر، مما زاد الطين بلة، وأصبحت لا أطيقها رغم حبي الجنوني لها.



فهل من علاج نفسي لهذه المشاكل النفسية أرجوكم؟ وهل يمكن أن يعالج منها هذا المريض بشكل نهائي؟



ما جعلني أكتب إليكم أنني تعبت من التفكير، وقد افترقنا دون رجوع، لكني لا أستطيع أن أصف لكم حزني وحيرتي في أمري، راجيا منكم مد يد العون والمساعدة لما فيكم من خير.



شاكراً لإصغائكم ودمتم.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ Musa Alhaj حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



أشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وعلى ثقتك في هذا الموقع.

قصتك هي قصة مكررة (حقيقة) نسمع عنها هنا وهناك، ويأتينا من يطلب الاستشارة والاستزادة بالنصائح، وأنا الذي أراه في مثل هذه المواقف وبالرغم من تقديرنا الشديد لمشاعر الناس إلا أن الداء معروف والدواء معروف، أنت - الحمد لله تعالى - في استبصار تام بما جرى وما حدث، وكيف أن الأمور صارت وانتهت إليه.



(الواقعية والعقلانية يجب أن تتغلب على المشاعر الوجدانية) هذه مقولة قديمة ومعروفة، ولا أريد (حقيقة) أن أنبهك لها فقط، ولكن أريد منك أن تتفكَّر وتتأمَّل فيها فعلاً.



أنا أجد لك العذر فيما يخص مشاعرك نحو هذه الفتاة؛ لأنه قد تم اختطافك وجدانيًا، وأنت الآن مطالب بأن تخطفها عقليًا، الاختطاف الوجداني الذي تم كان من خلال هذه الصلة التي قامت أصلاً مع التباعد الجغرافي، وترسخت وقويت من خلال تبادل الكلمات وتبادل المشاعر، وكان هنالك إطار مفقود، وهو إطار اللقاءات المباشرة، كما أن الأصل في هذه العلاقة أنها كانت تحمل عوامل فشلها.



أنا أقدر مشاعرك - أخي الكريم - لكن ما دامت هذه الفتاة من بلد آخر وأنت في بلد آخر أعتقد أن هذه مشكلة وإشكالية كبيرة جدًّا، أعرفُ أن العواطف والوجدان والمشاعر الملتهبة لا تعرف الحدود الجغرافية، لكن النظرة العقلانية تعرف ذلك.



فيا أخي الكريم الفاضل: الذي تحتاج له هو أن ترجع الأمور إلى أصلها، وهو (أولاً) أن الزواج له مقومات، وأن الإنسان يجب أن يبحث عن المرأة الصالحة، أنا أقدر هذه المراتب جدًّا، لكن لا أعتقد أن نوعية العلاقة نفسها كنت تحمل ما يُشير على أن أسسها المستقبلية سوف تكون راسخة.



الأمر الآخر: يجب ألا تأسى على ما فاتك، ولا أعتقد أنه قد فاتك الكثير.



ثالثًا: يجب أن تسأل نفسك كيف تكون هَشًّا أمام عواطفك لهذه الدرجة، أنت أقوى من ذلك، أنت أفضل من ذلك، والنساء كُثر يا أخِي الكريم، وعملية الاختطاف الوجداني يجب أن تتقلص الآن، ويجب أن تنتهي الآن تمامًا.



رابعًا: يجب أن تصرف انتباهك من خلال عملك، من خلال تواصلك الاجتماعي، من خلال الدعاء، الاستغفار، الصلاة مع الجماعة، هذا كله يفيدك، ويفيدك جدًّا.



أنقل نفسك إلى واقع جديد، وإلى حياة جديدة، وإلى طيف مفاهيم جديد، وإلى نمط وجداني جديد، بأن تضع الخطة الكاملة لزواجك، وأن تسعى لأن تحصل - إن شاء الله تعالى - على المرأة التي توافقك، التي تستطيع - إن شاء الله تعالى - من خلالها العيش معها من خلال هذا الميثاق الغليظ - وهو الزواج - لتصل إلى هدفه وغاياته، وهي الرحمة والسكينة والمودة، هذا هو المفهوم الذي يجب أن تتعايش معه، وأن تتكيف معه، وأن تتواءم معه.



أنا لا أريد (حقيقة) أن أُثير فيك أشجان أو أحزان وأقول لك: ربما تكون أيضًا تجربتك محدودة حول طبيعة هذه العلاقات، دعّمت هذا الاختطاف الوجداني والعاطفي، وما تبعه من شروخ عاطفية حدثت بالنسبة لك.



أعتقد أنك سوف تتخطى هذه المرحلة تمامًا، والتدرج الطبيعي لهذا النوع من العلاقات هي أنها حين تنتهي سوف تنتهي، تنتهي فعليًا ووجدانيًا وجغرافيًا.



خطط للزواج، لكن لا تبحث نحو علاقات تعويضية مستعجلة.



بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2195640

إقرأ أيضا :