أعاني من شدة الغضب والعصبية.. فما العلاج؟

أعاني من شدة الغضب والعصبية.. فما العلاج؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للقائمين على الموقع، ولكل المشاركين بمشاكلهم ليستفيد منها الغير.

أعاني من شدة الغضب والعصبية وسرعة الانفعال، ومنذ حوالي عشر سنوات ذهبت للمختص، وشخص حالتي وصرف لي (زيروكسات) وبعد خمس سنوات أبدله إلى (زيروكسات سي أر) وتحسنت حالتي منذ بداية العلاج إلا أنه يوجد بعض العصبية.



ومنذ ثلاث سنوات بدأت تزداد العصبية، ولا أتحمل أي شخص يغلط علي؛ مما جعلني أتشابك معه، مع العلم أنني لم أغلط على أحد في حياتي، كما أنه تم فصلي من العمل لقيامي بضرب مديري؛ حيث إنه طلب مني التزوير ورفضت، ثم أصبح يضايقني كل يوم، حتى انفعلت وضربته.



ذهبت للمختص وتم تغيير العلاج إلى (بروزاك 20 / ريمرون30/ دوبياكين 500) وما زلت حتى الآن أستخدمها، وأيضا ترتعش يداي إذا كنت مغضبا، وأتعرق، وحينما يأتيني خبر محزن أحس بخوف، وتزداد دقات قلبي وأرتعش.



سؤالي: هل الأدوية مناسبة لي؟ وهل سأستمر طوال حياتي بتناولها؟ قللت خروجي من المنزل بسبب عدم السيطرة على نفسي، وذلك حينما يغلط علي أحد أستوقفه وأتشابك معه، وغالبا ما ألحق به ضررا جسميا، وبعد انتهاء المشكلة بوقت قصير أكون مع نفسي حزينا ومتضايقا، وأذهب للشخص، وأقدم اعتذاري له، فما تشخيصكم لمرضي؟ وما يطلق عليه؟ أرجو منحي من وقتكم، والإفادة على أسئلتي.



وأسأل الله لكم الصحة والعافية والتوفيق.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ سلطان عبدالله علي حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



فلا شك أن الغضب والعصبية هي من الطاقات النفسية السلبية جدًّا، بل إن بعض المشايخ يُصفونها بأنها نوع من الشهوة المنحرفة الغليظة على النفس، والعصبية قد تكون جزءً من البناء النفسي للإنسان، بمعنى أن الإنسان يكون سريع الانفعالية وقليل الصبر، وفي بعض الأحيان تكون تعبيرًا عن القلق الزائد، وفي أحيانٍ أيضًا نشاهدها مع الاكتئاب النفسي.



أعتقد أن العصبية التي لديك هي جزء من البناء النفسي لشخصيتك، وفي هذه الحالة لا أعتبرها مرضًا.

الأطباء قاموا بإعطائك مضادات الاكتئاب، وهذا أمر حسن وجيد، وهذه الأدوية قطعًا سوف تفيدك وتخفف عليك كثيرًا، لكن من الضروري جدًّا، ومن المهم جدًّا أن تلجأ للآليات السلوكية، وأفضل آلية سلوكية هي أن تتعلم كيف أوصانا نبينا -صلى الله عليه وسلم– فيما يخص إدارة الغضب والتعامل معه.



أخِي الكريم: (لا تغضب، لا تغضب) علِّم نفسك ذلك، ليس الشديد بالصرعة، لكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، واستعذ بالله من الشيطان عندما تأتيك بوادر الغضب، فإن ذلك من الشيطان، والنبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (إني لأعلم كلمة لو قالها هذا ذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).



كن على هذا النسق والنمط في إدارة غضبك، واجعله مفهومًا راسخًا في داخل كيانك الوجداني الداخلي، لا تأخذ الأمر بسطحية، لا، تعمَّق في هذا الحديث النبوي الشريف، واجعله هاديًا لك (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).



وأيضًا -أيها الفاضل الكريم– قم بالتطبيقات السلوكية التي أوصانا بها النبي -صلى الله عليه وسلم– وهي أنك حين تستشعر بدايات الغضب عليك أن تستغفر، وأن تغير وضعك، إن كنت جالسًا فقم، وإن كنت واقفًا فاجلس، وهكذا، أي تغيير الموضع، ثم اتفل على شقك الأيسر ثلاثًا، وهذا فيه نوع من صرف الانتباه الجميل، وتحقير منك للشيطان وإذلال له، وسيكون من الجميل إذا دربتَ نفسك مرة أو مرتين على الوضوء بعد الغضب؛ لأن الوضوء حقيقةً يطفئ نار الغضب.



أنا دائمًا أذكر مثالاً وأكرره في مثل هذه الاستشارة أن أحد الإخوة الذي أتاني للعلاج من الغضب -وأنا أذكر هذا المثال كثيرًا لأني مُعجب به حقيقةً، وهو دليل قطعي على فائدة كيفية إدارة الغضب من المفهوم الإسلامي– هذا الأخ رجل غضوب، سريع الانفعالات، يشعر بالندم بعد الاستثارة –مثل حالتك- تحدثنا في كل الآليات العلاجية، وحين تحدثنا عن العلاج النبوي، هذا الأخ –جزاه الله خيرًا– وجدت لديه قبولاً للفكرة، ذهب بعد ذلك وقرأ عن الموضوع، وجلس مع أحد الإخوة المشايخ، وأتقن (حقيقة) كيفية التعامل مع الغضب، طبَّقَ التوجيه النبوي بحذافيره، وبعد ذلك أتاني فرحًا وقال لي: (إنني حين تأتيني نوبة الغضب في بدايتها أتذكر فقط التوجيهات النبوية فيذهب عني الغضب دون أن أطبقها) هذا تغيير معرفي عظيم جدًّا أيهَا الأخ الكريم، فأرجو أن تنقل نفسك لهذا المستوى الراقي من السمو المعرفي، هذا يفيدك كثيرًا.



الأمر الآخر هو: أريدك أن تكون معبِّرًا عن ذاتك، لا تحتقن، كما تحتقن الأنف تحتقن النفس؛ لذا دائمًا كن معبرًا عن نفسك أولاً بأول، مارس الرياضة، الرياضة آلية عظيمة جدًّا لامتصاص الغضب والعصبية.



وهنالك تمارين الاسترخاء، هذه التمارين تقوم على أسس علمية، إن طبقتها سوف تستفيد منها كثيرًا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015) أرجو أن ترجع إليها وسوف تجد -إن شاء الله تعالى– فيها فائدة كثيرة وكثيرة جدًّا.



حاول أن تتواصل اجتماعيًا -هذا يفيدك– بر الوالدين أيضًا فيه خير كثير لعلاج الغضب والعصبية، وأريدك أن تتأمل شخصًا قابلك وغضب عليك شديدًا وأظهر عصبيته وتوتره ما هو رد فعلك؟ قطعًا رد فعل هو عدم القبول، فما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه للآخرين، هذا أيضًا أحد المبادئ السلوكية التي أراها نافعة لك.



العلاج الدوائي لن أتدخل فيه قطعًا؛ لأنك تحت مراقبة طبية من أحد الإخوة الأطباء، وقطعًا أنا أقر علاجه، لأنه في وضع أفضل مني؛ حيث إنه قام بفحصك ومناظرتك، ولا بد أن يكون أعطاك هذه الأدوية على أسس علمية، وهي أدوية جيدة، ويجب أن تبلغه أنك لا زلت تعاني من التوترات والقلق الذي يكون مصحوبًا بالخوف مع تسارع في ضربات القلب ووجود رعشة.



الطبيب يمكن أن يوقف لك هذه الأدوية، يسحب عقار بروزاك (مثلاً) لأنه في بعض الأحيان يؤدي إلى العصبية، وقد يُضيف لك دواء آخر مثل عقار (دوجماتيل) ويسمى علميًا (سلبرايد) مثلاً أو عقار (سوركويل) والذي يسمى علميًا باسم (كواتبين) بجرعة صغيرة.



بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2195307

إقرأ أيضا :