كيف نتعامل مع أمي القاسية؟

كيف نتعامل مع أمي القاسية؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أنا فتاة عمري 16 سنة.



أعاني من سوء تعامل أمي معنا، فهي ليست حنونة، ولا تهتم بنا، وسببت لنا عقدا نفسية، وقد كرهناها لدرجة أننا انحرفنا إلى الطريق الذي يغضب الله -تعالى-، وكذلك تركها أبي ولا يريد الرجوع لها.



سؤالي: كيف نتصرف معها؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ ساره حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله أن يُصلح أمك، وأن يبارك فيها، وأن يوفقها للنهوض بنفسها، وأن يملأ قلبها محبة لكم، وحرصًا على منفعتكم وإكرامكم، والقيام على تربيتكم وعنايتكم ورعايتكم.



وبخصوص ما ورد في رسالتك –ابنتي الفاضلة سارّة– فلي أن أسألك سؤالاً: ماذا سنفعل مع أمك؟ هل من الممكن أن نستبدل أمك بأمٍّ أخرى؟ هل من الممكن أن تعوض أمك هذه إذا فقدتموها؟ قطعًا ستقولين: لا، ولذلك أمك بما أنها الآن كبيرة في السن إلى حد ما، وعاشت هذه الفترة الطويلة بهذه الأخلاق، وتلك الصفات، فمن المتعذر أن تتغير بنسبة مائة بالمائة؛ لأن الإنسان منا يتأثر بالتربية التي تلقاها منذ نعومة أظفاره، ويبدو لي أن أمك –حفظها الله– ضحية تربية غير موفقة، تربية كان فيها نوع من التقصير، ولذلك هي خرجت وتطبق نفس البرنامج، الذي طُبق عليها وهي في مرحلة الصغر مثلك أو قبلك.



ولذلك علينا أن نلتمس العذر لوالدتك بكل ما أوتينا من قوة؛ لأنه من الصعب تغييرها، فلا يمكن أبدًا أن تُوجدي لنفسك أُمًّا بديلة، لا أنت ولا أخواتك، أما والدك فيستطيع أن يتزوج غيرها، أما أنت وإخوانك وأخواتك فهذه أمكم التي لا يمكن تغييرها بحال، والتي رضا الله من رضاها، وسخط الله من سخطها.



ولذلك أنا أقول -يا بُنيتي-: ليس أمامنا إلا الصبر الجميل، ومحاولة مساعدتها في أداء رسالتها، ولا مانع من عقد جلسات حوارية، من خلالها نحاول أن نتبادل أطراف الحديث، وأن نتكلم عن السلبيات التي تقع منها، بطريقة غير مباشرة في أول الأمر، لاحتمال أنها لا تعرف أنها تُخطئ، فبعض الناس قد يظن أنه على صواب دائمًا، ولا يظن أنه يقع في خطأ مطلقًا، ولذلك نحاول أن نبيِّن لها الأمر بطريقة غير مباشرة، فإن استفادت من ذلك فحسن، وإن لم تستفد فلا مانع من المواجهة الصريحة، شريطة أن يكون ذلك أيضًا في داخل الأسرة وبعيدًا عن أي طرف آخر، حتى لا نسبب لها أي إزعاج أو إحراج.



وعليك أنت وإخوانك ووالدك بالدعاء لها أن يُصلحها الله -تعالى-، والدعاء سلاح قوي وفعال ومؤثر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال أيضًا -عليه الصلاة والسلام-: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، فاجتهدي في الدعاء أن يُصلحها الله -تبارك وتعالى-، وأن يعينها على أداء رسالتها بطريقة صحيحة، حتى تتمكن من القيام بدورها، الذي ينعكس عليكم بالتالي توفيقًا وسعادة وأمنًا وتميزًا وتفوقًا علميًا.



أمك ضحية تربية قاصرة منذ صغرها، ولعلها ما استطاعت أن تتخلص من هذه الآثار، التي تأثرت بها وهي صغيرة، ومما لا شك فيه أنها حاولت، ولكن لعلها لم تنجح، فحاولوا معها واصبروا عليها، وحاولي أنت وإخوتك أن تتقاسموا أعمال البيت بطريقة منظمة، تساعدون بها أمكم، وتحاولون مشاركتها في كل صغيرة وكبيرة، عسى الله -تبارك وتعالى- أن يجعل ذلك مُحركًا ودافعًا لها للتغيير.



وإلا فمن الصعب جدًّا –يا بُنيتي– أن أقول لك: تخلي عن أمك؛ لأن الأم ما خلقها الله ليتم التخلي عنها في حال كبرها، بل إن وصايا الله -تبارك وتعالى- بالوالدين في حال تقدم السن، أكثر من وصاياه بهما في غير هذا الحال، فعليك -بارك الله فيك- بحسن المعاملة، والصبر الجميل، ولكن وجهي نظرها إلى النقاط التي تحتاجين إلى بيانها، بكل سهولة ولطف وأدب ويسر، عسى الله أن يجعل صلاحها على يدك، أو على يد أحد من إخوانك، إنه جواد كريم.



هذا، وبالله التوفيق.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2198631

إقرأ أيضا :