أشعر أن الله غير راض عني، بماذا تنصحوني؟

أشعر أن الله غير راض عني، بماذا تنصحوني؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أنا فتاة عمري 16 سنة، محافظة على الصلوات، والسنن، وقيام الليل، وقراءة القران، والأذكار، ولا أعصي الله – والحمد لله-.



كنت –سابقاً- أستمع للأغاني، لكني تركتها، وأصبحت في خوف وفزع؛ لأنني أخاف أن تقبض روحي وأنا أسمعها، فأصبحت عندما أسمع موسيقى في الشارع، أو في الإعلانات، أشعر بنوبة هلع وخوف.



ومشكلتي بدأت حينما فكرت أن أدعو ربي أن ينزع حب الأغاني من قلبي، ولكن الله لم يلهمني الدعاء، فانتابني هاجس أن الله غير راض عني، وأنني سوف أموت على ذلك، فشعرت بتسارع نبضات القلب، ودوخة، وكأن روحي ستخرج.



أخاف الله خوفاً شديداً، تخيفني المعاصي، مثل: الكذب، والشتم، وغيره، وأخاف أن أحاسب عليها، وأعاقب، وأخاف من الموت كثيراً.



أصبحت أحرم كل شيء، مما أبعد الناس من حولي، ولم أعد أطيق حياتي وتصرفاتي، حرمت على نفسي أبسط الأمور من التزين، والاهتمام بشكلي، خوفاً أن تكون ضمن المحرمات التي سيعاقبني الله عليها.



أصبحت لا أجد الراحة، ولا السعادة، وأرى حياة الناس، وهم سعداء، وأتساءل: لماذا أنا غارقة بالهموم؟ ولماذا هم لا يفكرون بالموت؟ ولماذا يتزوجون وهم سيموتون؟



للأسف أعلم أنها أفكار سخيفة، لكن لا أستطيع الفرار منها، وأعلم أن هذه الأفكار: وساوس وهواجس يجب أن أتخلص منها.



لا أستطيع مراجعة الطبيب، فلا أحد يعلم بحالتي، ولا حتى أهلي.



سؤالي: كيف أتخلص من هذه الأفكار والوساوس؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



أوضحت حالتك بصورة دقيقة جدًّا، وكل الأعراض، وكل الأفكار، وكل هذه المزاحمات، والآلام النفسية تأتيك؛ لأنك بالفعل تعانين من (وساوس قهرية)، وبما أنك -الحمد لله تعالى– فتاة ممتازة، وملتزمة، أصبح محور وساوسك حول الدين، وهذا شائع جدًّا، والوساوس بطبيعتها وتكوينها تنبع من أفكارٍ، أو أفعالٍ طبيعية، وعزيزة جدًّا على نفس الإنسان، لكن يحدث فيها تحول كبير، وتأخذ المنهج المرضي، وكما قلت: هي سخيفة، وسيئة، ومؤلمة للنفس، لكنها تفرض نفسها على الإنسان.



أنت على استبصار تام بكيفية الخروج من هذا الوضع، والعلاج -قطعًا- تحقير كامل للفكرة، وعدم اتباعها، وعدم مناقشتها، والوسواس يحاول أن يقنعك بضرورة الأخذ بمحتواه، والتفكير فيه، واتباعه، والاقتناع به، وقد ذكرت هذا جليًّا حين قلتِ: (فكنتُ أستحقر الفكرة وأرفضها، ولكن يأتيني أن الله سيتوفاني إذا لم أفكر فيها، وتبدأ الأعراض معي، وحين أحارب الأعراض ترجع فكرة الموت لي كأنني في دائرة قلقية) نعم هي دائرة قلقية، وهذه هي طبيعة الوساوس.



إذًا عدم مناقشة الوسواس، عدم حوار الوسواس مهم جدًّا، وهذا النوع من الوساوس كثيرًا ما يكون مرتبطًا بالمرحلة العمرية (مرحلة اليفاعة والشباب وما بعد البلوغ) هذه التغيرات النفسية، جزءٌ منها هو الوساوس، لا نقول: إن جميع من هم في عمرك يُصابون بهذه الحالات، لكن هنالك من تأتيهم هذه الحالات قطعًا.



من المهم جدًّا: ليس فقط تحقير الوسواس، إنما صرف الانتباه عنه، وهذا لا يكون إلا من خلال الاجتهاد، والمثابرة، والمواظبة على كل الأنشطة الحياتية بصورة ملتزمة، وأداء جيد، واستثمار صحيح للوقت، هذا هو المفهوم الرئيسي في حدود ما هو متاح.



هناك وسواس أريد أن أتوقف عنده وهو: (وسواس الأغاني)، أي إذا سمعت موسيقى في الشارع، تُستثار عندك الوساوس، ويزيد الألم الضميري لديك، قطعًا هذا وضع لا يمكنك التحكم فيه، لكن يجب أن تحقري هذا الوسواس، والإنسان يتقي الله حسب ما يستطيع، قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}خاصة في مثل هذه المواقف – مواقف الابتلاءات، مواقف الأشياء التي تفرض عليك، ولا تملك فيها أية إرادة، أو تصرف -.



لا بد أن أتحدث عن العلاج الدوائي؛ لأني أراه علاجًا رئيسيًا، وأنا لن أصف لك أدوية، لكني أريدك أن تتحدثي مع أهلك وتقنعيهم وتخطريهم بما تعانين منه، وأنه قطعًا نوعًا من الوساوس المستحوذة والملحة، والوسواس علاجه بيولوجي، ونفسي سلوكي، واجتماعي، والعلاج البيولوجي مهم جدًّا، وهو أسهل العلاجات وأفيدها، خاصة نوعية الوساوس التي تعانين منها، ونقصد بالعلاج البيولوجي: العلاج الدوائي.



و-الحمد لله تعالى- الآن توجد أدوية ممتازة، فاعلة، سليمة، ليست إدمانية، فأرجو أن تتحدثي مع أحد أفراد أسرتك بالتفصيل، و-إن شاء الله تعالى- سوف يقتنعون أن تذهبي إلى الطبيب، وتتناولي أحد الأدوية، وأنت لا تحتاجين إلا لدواء واحد تقريبًا.



الدواء يكبح جماح الوساوس، ويهششها، ويفككها، مما يسهل عليك كثيرًا عملية مقاومتها، وإسقاطها بالكلية، كما أن الدواء فيه خير كثير جدًّا لإزالة القلق، وكذلك عسر المزاج، الذي دائمًا ما يكون مصاحبًا للوساوس القهرية.



بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء، والعافية، والتوفيق، والسداد.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2195511

إقرأ أيضا :