ارتكبت كبيرة وأريد التوبة.. فكيف أجعل توبتي خالصة لوجه الله تعالى؟

ارتكبت كبيرة وأريد التوبة.. فكيف أجعل توبتي خالصة لوجه الله تعالى؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أنا فعلت كبيرة من الكبائر، والآن أريد أن أتوب توبة خالصة لوجه الله كما قلتم لي في استشارتي السابقة، ولكن كيف أجعل توبتي خالصة لوجه الله تعالى وابتغاء مرضاته.



فأنا بالتأكيد- كالجميع - أخاف من عدم ستر الله لي، وأن يعذبني في الدنيا كأن يبتليني بالأمراض - لا قدر الله - بسبب هذا الذنب، ولكن أحس بأن هذا هو الدافع للتوبة، ولكن من شروط التوبة النصوح أن تكون طمعاً في رضى الله ومغفرته.



فأرجو منكم جزاكم الله خيراً أن توضحوا لي كيف أجعل توبتي خالصة لوجه الله؟ وكيف تكون توبة نصوحة؟ لأني تبت من قبل، ولكن الشيطان يأتيني ويوسوس لي بأن توبتي ليست خالصة لله تعالى وغير مقبولة.



أرجو منكم أن توضحوا لي بالتفصيل، ولا تحولوني إلى استشارة أخرى؛ لأني بحثت عن هذا الموضوع، ولم أجد ما أريد.



جزاكم الله الفردوس الأعلى.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ عمر أسعد حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



فمرحبًا بك أيها الأخ الكريم في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله أن يتوب عليك وعلينا.

نحن أولاً نهنئك بتوبتك وعزمك على الاستمرار عليها، ونسأل الله تعالى أن يتقبلها منك، ونشكر لك حرصك على تجنب ما يُفسد هذه التوبة أو يُنقصها، وهذا دليل على رجاحة في عقلك وحسن في إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.



نحن ندعوك أيها الحبيب إلى إحسان الظن بالله سبحانه، وأنه رحيم بك، ودود، لن يضيع عملك الصالح، ولن يخذلك، ولن يتركك لنفسك إذا صدقت في اللجوء إليه، وهذا الظن الجميل في الله تعالى سيبعثك على زيادة العمل والاستمرار في التوبة والإكثار من العمل الصالح، والله تعالى يقول في الحديث الصحيح: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظنّ بي ما شاء) فظنَّ بالله خيرًا، ومن هذا الظنّ الاعتقاد الجازم بأن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد للعصاة والمجرمين، وأنهم لا يفوتونه، كما قال سبحانه: {إن ربك لبالمرصاد}.



والظنّ بأنه سبحانه وتعالى يغضب إذا انتهكت محارمه، ويغضب إذا عُصيَ، فهذا كله من حسن الظن بالله تعالى، وهذا الظن يدفعك أيضًا إلى اجتناب ما حرم الله عليك، والحذر من الوقوع فيما يُسخطه.



وأما ما تستشكله من أنك تبت، وكان من أغراض توبتك ومن مقاصدها الخوف من عقاب الله تعالى في الدنيا بأي مرض، فإن هذا الخوف وهذه التوبة بهذا القصد لا تنافي الإخلاص، فإن من المقاصد التي تُقصد بالتوبة تجنب ثمرات المعصية ونتائجها، والعقاب قد يكون دنيويًا، وقد يكون أخرويًّا، فإذا تاب الإنسان خوفًا من أن يلحقه عذاب الله تعالى في الدنيا وفي الآخرة فإن هذا لا ينافي إخلاصه، وقد أمر الله تعالى نبيه الكريم أن يقول في كتابه العزيز: {قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} فخوف العذاب يدعو إلى تجنب المعاصي والسيئات، فإذا تاب الإنسان من سيئاته خشية أن تلحقه عقاب الله تعالى فهذا لا ينافي إخلاصه.



فادفع عن نفسك هذه الوساوس ولا تلتفت إليها، واثبت على ما أنت عليه من التوبة، وحسّن توبتك بإتباعها بالعمل الصالح، واسأل ربك أن يثبتك على هذا الطريق، ولن تجد من الله تعالى إلا خيرًا، فإنه سبحانه إذا علم صدقك في التوبة وخشيتك وخوفك من عقابه في دنياك أو في أخراك، ورغبة فيما عنده من الثواب للتائبين والصابرين على الطاعات، إذا علم الله تعالى منك صدقًا في ذلك فإنه سيقبل منك التوبة، ويعفو عن ذنوبك السالفة، ويُثيبك بخيرٍ مما تظن، فإنه سبحانه أخبرنا في كتابه فقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويعلم ما تفعلون} ووعد سبحانه وتعالى بأنه يبدل سيئات التائبين حسنات، فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيمًا}، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما ورد في الحديث.



نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير، وأن يجنبك كل سوء ومكروه.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2197749

إقرأ أيضا :